رَأْيِي أَنْ يُكْرَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَهَذَا مِنْ الضَّرَرِ، وَقَدْ لَزِمَهُمَا الْحَانُوتُ.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ الرَّجُلَانِ يَكْتَرِيَانِ الْبَيْتَ يَسْكُنَاهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
[فَسْخِ الْكِرَاءِ وَهَطْلِ الْبَيْتِ وَهَدْمِهِ]
فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ وَهَطْلِ الْبَيْتِ وَهَدْمِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ بَيْتًا مِنْ رَجُلٍ فَهَطَلَ عَلَيَّ الْبَيْتُ فِي الشِّتَاءِ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَخْرُجَ أَمْ يُجْبَرُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى تَطْيِينِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: إنْ طَيَّنَهُ رَبُّ الْبَيْتِ فَالْكِرَاءُ لَكَ لَازِمٌ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُطَيِّنَهُ كَانَ لَكَ أَنْ تَخْرُجَ إذَا كَانَ هَطْلُهُ ضَرَرًا بَيِّنًا وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى أَنْ يُطَيِّنَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ. قَالَ سَحْنُونٌ: التَّطْيِينُ وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ مِمَّا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّارِ.
قُلْتُ: وَيَكُون لِلْمُتَكَارِي أَنْ يُطَيِّنَهُ مِنْ كِرَائِهِ وَيَسْكُنَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت دَارًا فَسَقَطَ مِنْهَا حَائِطٌ أَوْ بَيْتٌ أَوْ سَقَطَتْ الدَّارُ كُلُّهَا فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ: أَنَا أَبْنٍ مَا سَقَطَ مِنْهَا أَوْ لَا أَبْنِيهَا وَاَلَّذِي سَقَطَ مِنْ الْحَائِطِ قَدْ كَشَفَ عَنْ الدَّارِ أَيَكُونُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ أَنْ يَبْنِيَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ أَنْ يَبْنِيَهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَإِنْ انْكَشَفَ مِنْ الدَّارِ مَا يَكُونُ ضَرَرًا عَلَى الْمُتَكَارِي قِيلَ لِلْمُتَكَارِي: إنْ شِئْتَ فَاسْكُنْ وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ وَلَمْ يُجْبَرْ رَبُّ الدَّارِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ، فَإِنْ بَنَاهَا رَبُّ الدَّارِ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْكِرَاءِ، وَقَدْ كَانَ الْمُتَكَارِي خَرَجَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِاسْتِتْمَامِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ مَا انْهَدَمَ مِنْهَا مَا لَا يَضُرُّ بِسُكْنَى الْمُتَكَارِي فِيهَا وَلَمْ يَبْنِ ذَلِكَ رَبُّ الدَّارِ لَزِمَ الْمُتَكَارِي أَنْ يَسْكُنَ وَلَمْ يَكُنْ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْهَا وَلَا يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ الْإِجَارَةِ لِذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ سُكْنَى وَمِرْفَقٌ فَيُوضَعُ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ قَدْرُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ قَدْ اكْتَرَى الدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ فَلَمَّا سَكَنَ شَهْرًا وَاحِدًا تَهَدَّمَتْ الدَّارُ أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَهَا مِنْ كِرَاءِ هَذِهِ التِّسْعِ سِنِينَ وَالْأَحَدَ عَشْرَ شَهْرًا الَّتِي بَقِيَتْ وَإِنْ اغْتَرَقَ بِنَاءُ الدَّارِ الْكِرَاءَ كُلَّهُ؟
قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَهَا، وَيُقَالُ لَهُ: إنْ شِئْتَ فَاسْكُنْ وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الدَّارِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِذَلِكَ، وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ وَقَدْ زَرَعَ فِيهَا فَتَغُورُ عَيْنُهَا، وَيَأْبَى رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا قَالَ: لِلْمُتَكَارِي أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ بِكِرَاءِ سَنَتِهِ تِلْكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ سَنَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute