الْمَالَ مِنْهَا؟ وَقَدْ قُلْتُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهَا فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ مِنْهَا بِبُضْعِهَا.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ، لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ أَوْ يُفْلِسْ، فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا مَالَهَا وَلَا يُجْبِرُوا السَّيِّدَ عَلَى أَخْذِهِ، وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُدَبَّرَةُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.
قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَالْمُعْتَقُ إلَى سِنِينَ، أَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، مَا لَمْ يَتَقَارَبْ ذَلِكَ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ بَقِيَتْ سَنَةً؟ قَالَ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مَا لَمْ يَتَقَارَبْ ذَلِكَ أَوْ يَمْرَضْ، وَلَمْ يَرَ السَّنَةَ قَرِيبًا قُلْتُ: وَمَا حُجَّةُ مَالِكٍ فِي هَذَا؟ حِينَ قَالَ: إذَا مَرِضَ فَلَا يَأْخُذُ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرَتِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ لِلْوَرَثَةِ وَقَدْ أَشْرَفَ هَؤُلَاءِ عَلَى عِتْقِهِمْ. وَاَلَّذِي يُفْلِسُ فَلَا يُجْبِرُ الْغُرَمَاءَ السَّيِّدُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُمْ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْبِرَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى أَخْذِهِ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ يَأْخُذُهُ وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَرِضَ فَفُلِّسَ وَهُوَ مَرِيضٌ أَيَأْخُذُ مَالَ الْمُدَبَّرِ الْغُرَمَاءُ أَمْ لَا؟ وَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَدَعْ مَالًا يَعْتِقُهُ وَمَالُهُ لِلْغُرَمَاءِ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ، فَيُبَاعَ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: لَا يُؤْخَذُ مَالُ هَذَا الْمُدَبَّرِ لِلْغُرَمَاءِ، فَالصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ عِنْدِي سَوَاءٌ.
[الْعَبْدِ يُفْلِسُ وَلِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ]
فِي الْعَبْدِ يُفْلِسُ وَلِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ مُبَايَعَةُ الرَّجُلِ عَبْدَهُ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَيَكُونُ دَيْنُ السَّيِّدِ دَيْنًا يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ وَدَيْنٌ لِسَيِّدِهِ، أَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَضْرِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ دَيْنُهُ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ، فَإِنَّهُ يَضْرِبُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ مَعَ الْغُرَمَاءِ. وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ لَمْ يَضْرِبْ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ.
[دَيْنِ الْمُرْتَدِّ]
فِي دَيْنِ الْمُرْتَدِّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ ارْتَدَّ رَجُلٌ وَهَرَبَ إلَى دَارِ الْمُشْرِكِينَ وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَغَزَا تِلْكَ الدَّارَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَاتَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَقُتِلَ، فَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَالِهِ، فَقَامَ الْغَرِيمُ يَطْلُبُ حَقَّهُ؟
قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى دَيْنَهُ فِي مَالِ هَذَا الْغَرِيمِ الْمُرْتَدِّ الْمَقْتُولِ، وَلَا يَقَعُ فِي الْمَقَاسِمِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ هَذَا الْغَرِيمُ حَقَّهُ، فَإِذَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ كَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَقَاسِمِ.