وَغَيْرُهُ يَقُولُونَ: لَمْ تَزُلْ الْوُلَاةُ بِالْمَدِينَةِ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ يَقْضُونَ فِي الرَّقِيقِ بِعُهْدَةِ السُّنَّةِ مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ إنْ ظَهَرَ بِالْمَمْلُوكِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ فَهُوَ رَدٌّ إلَى الْبَائِعِ، وَيَقْضُونَ فِي عُهْدَةِ الرَّقِيقِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ فَإِنْ حَدَثَ فِي الرَّأْسِ فِي تِلْكَ الثَّلَاثِ لَيَالٍ حَدَثٌ مِنْ مَوْتٍ أَوْ سَقَمٍ فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ مِنْ الرِّبْعِ؛ لِأَنَّ الْحُمَّى الرِّبْعَ لَا تَسْتَبِينُ إلَّا فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ.
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ أَعْرَابِيٍّ عَبْدًا فَوَعَكَ الْعَبْدُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَمَاتَ فَجَعَلَهُ عُمَرُ مِنْ الَّذِي بَاعَهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا عُهْدَةً عِنْدَنَا إلَّا فِي الرَّقِيقِ
[مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ مَنْ أَيِّ الْعُيُوبِ يَتَبَرَّأُ؟ قَالَ: كَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يَقُولُ: مَنْ بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ فَإِنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَتَبَايَعُ النَّاسُ بِهِ كَانُوا أَهْلَ مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرَهُمْ إلَّا فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ وَحْدَهُمْ فَإِنَّهُ كَانَ يَرَى الْبَرَاءَةَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ عَلِمَ عَيْبًا وَلَمْ يُسَمِّهِ بِعَيْنِهِ وَقَدْ بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَلَوْ أَنَّ أَهْلَ مِيرَاثٍ بَاعُوا دَوَابَّ وَاشْتَرَطُوا الْبَرَاءَةَ أَوْ بَاعَهَا الْوَصِيُّ فَاشْتَرَطَ الْوَصِيُّ الْبَرَاءَةَ.
قَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِمَا فِي هَذَا مِنْ الْعُيُوبِ وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعُ مِيرَاثٍ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْمَالُ لِغَيْرِي قَالَ: لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي الدَّوَابِّ وَلَيْسَتْ الْبَرَاءَةُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا أَرَى الْبَرَاءَةَ تَنْفَعُ فِي الرَّقِيقِ لَا أَهْلَ الْمِيرَاثِ وَلَا الْوَصِيَّ وَلَا غَيْرَهُمْ، قَالَ: فَجَاءَ قَوْمٌ وَأَنَا عِنْدَهُ قَاعِدٌ فَقَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّا بِعْنَا جَارِيَةً فِي مِيرَاثِ بَيْعِ الْبَرَاءَةِ لَا نَعْلَمُ بِهَا عَيْبًا فَاشْتَرَاهَا رَجُلٌ فَانْقَلَبَ بِهَا فَوَجَدَ فِي فَرْجِهَا عَيْبًا؟ قَالَ: أَرَى أَنْ يَرُدَّهَا وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ شَيْئًا فَلَمَّا خَرَجُوا كَلَّمْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَرَاءَةُ فِي الْمِيرَاثِ فِي الرَّقِيقِ؟
قَالَ: لَا أَرَى أَنْ تَنْفَعَ إنَّمَا كَانَتْ الْبَرَاءَةُ لِأَهْلِ الدُّيُونِ يُفْلِسُونَ فَيَبِيعُ عَلَيْهِمْ السُّلْطَانُ.
قَالَ مَالِكٌ: فَلَا أَرَى الْبَرَاءَةَ تَنْفَعُ أَهْلَ الْمِيرَاثِ وَلَا غَيْرَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْبًا خَفِيفًا قَالَ: فَعَسَى، قَالَ مَالِكٌ: وَمِنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَأْتِيهِ الرَّقِيقُ قَدْ جُلِبَتْ مِنْ الْبُلْدَانِ إلَيْهِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِبَلَدٍ مَنْ الْبُلْدَانِ أَوْ يَكُونُ قَدْ جَلَبَهَا فَيَقُولُ: أَبِيعكُمْ بِالْبَرَاءَةِ وَلَا عِلْمَ لِي فَقَدْ صَدَقَ وَلَا عِلْمَ لَهُ وَلَمْ يَكْشِفْ لَهُمْ ثَوْبًا فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِأَمْوَالِ النَّاسِ بِهَذَا الْوَجْهِ، قَالَ: فَمَا أَرَى الْبَرَاءَةَ تَنْفَعُهُ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا بَاعَ السُّلْطَانُ عَلَى النَّاسِ فِي دُيُونِهِمْ أَيَنْفَعُ السُّلْطَانُ أَوْ صَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute