للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّابِرِيُّ، فَهَذَا لَا يُعْرَفُ فَضْلُهُ إلَّا بِالرَّجَاءِ وَلَا يُلْبَثُ ثِيَابُ الرِّمَاءِ، فَكَانَ هَذَا الَّذِي اقْتَاسَ النَّاسُ بِهِ ثُمَّ رَأَى فُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَاؤُهُمْ أَنْ نَهَوْا عَمَّا قَارَبَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ هَذَا وَاقْتَاسُوهُ بِهِ وَشُبِّهَ بِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ التَّسْلِيفَ فِي الْمَضْمُونِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَكَ أَصْلُهُ لِمَا بَعْدَ أَجَلِهِ وَرُجِيَ فِيهِ الْفَضْلُ وَخِيفَ عَلَيْهِ الْوَضِيعَةُ صَارَ بَيْعًا جَائِزًا وَخَرَجَ مِنْ الْعَيِّنَةِ الْمَكْرُوهَةِ الَّتِي قَدْ عُرِفَ فَضْلُهَا وَاتَّضَحَ رِبَاهَا فِي بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ إنَّ صَاحِبَ الْمَكْرُوهِ يُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ بَيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ ثُمَّ يَبْتَاعُهُ وَقَدْ عَرَفَ سِعْرُ السُّوقِ وَتَبَيَّنَ لَهُ رِبْحُهُ فَيَشْتَرِي بِعَشْرَةٍ وَيَبِيعُ بِخَمْسَةَ عَشْرَ إلَى أَجَلٍ، فَكَأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ عَشْرَةً بِخَمْسَةَ عَشْرَ إلَى أَجَلٍ، فَلِهَذَا كُرِهَ هَذَا إنَّمَا ذَلِكَ الدِّخْلَةُ وَالدُّلْسَةُ.

[أسلف الدَّنَانِير فِي طَعَام مَحْمُولَة إلَى أَجَل فَيَلْقَاهُ قَبْل الْأَجَل فَيَسْأَلهُ أَنْ يَجْعَلهَا فِي سَمْرَاء]

فِي الرَّجُلِ يُسَلِّفُ الرَّجُلَ الدَّنَانِيرَ فِي طَعَامٍ مَحْمُولَةٍ إلَى أَجَلٍ فَيَلْقَاهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَسْأَلُهُ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي سَمْرَاءَ إلَى الْأَجَلِ بِعَيْنِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي أَسْلَفْت إلَى رَجُلٍ فِي مَحْمُولَةٍ إلَى أَجَلٍ فَلَقِيتُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ تُحْسِنَ تَجْعَلَهَا لِي سَمْرَاءَ إلَى أَجَلٍ فَفَعَلَ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّكَ تَفْسَخُ مَحْمُولَةً فِي سَمْرَاءَ إلَى أَجَلٍ، فَلَا يَجُوزُ أَلَا تَرَى أَنَّكَ فَسَخْتَ دَيْنًا فِي دَيْنٍ.

قُلْتُ: فَلَوْ حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ أَنْ آخُذَ مِنْ سَمْرَاءَ مَحْمُولَةً أَوْ مِنْ الْمَحْمُولَةِ سَمْرَاءَ؟ لَا بَأْسَ بِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْبَدَلَ.

[الْبَيْع وَالسَّلَف إذَا وَقَعَ]

فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا وَقَعَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ بِعْتُ عَبْدًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِينَارٍ عَلَى أَنْ أَسْلَفَنِي الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ دِينَارًا؟ قَالَ: الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَتَبْلُغُ قِيمَتُهُ بِهِ إذَا فَاتَ مِائَتَيْ دِينَارٍ.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْعُقْدَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً لِأَنَّ فِيهَا بَيْعًا وَسَلَفًا، وَلِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ أَنَا لَمْ أَرْضَ أَبِيعُ عَبْدِي بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِينَارٍ إلَّا بِهَذِهِ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذْتُهَا سَلَفًا فَهَذَا يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ هَاهُنَا قِيمَتَهُ مَا بَلَغْتُ إذَا فَاتَتْ إذَا كَانَ أَبَدًا مِثْلَ مَسْأَلَتِكَ هَذِهِ فَانْظُرْ إلَى الْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فَوْقَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَبْلُغُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ فَلَهُ الثَّمَنُ يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ الْأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ.

قُلْتُ: فَلَوْ بَاعَ الْعَبْدُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقِيمَتُهُ مِائَتَا دِينَارٍ عَلَى أَنْ أَسْلَفَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ خَمْسِينَ دِينَارًا؟ قَالَ: هَذَا لَا يُزَادُ عَلَى الثَّمَنِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ وَيُرَدُّ السَّلَفُ لِأَنَّ الْبَائِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>