مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا حَتَّى أَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ» ، وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ سَلَّمَ بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى ثُمَّ قَامَتْ تَقْضِي لِأَنْفُسِهَا.
قَالَ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: ٢٣٩] ، قَالَ: رُكْبَانًا حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ يُومِئُ إيمَاءً.
[صَلَاةِ الْخُسُوفِ]
مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجْهَرْ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ، قَالَ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ جَهَرَ بِشَيْءٍ فِيهَا لَعُرِفَ مَا قَرَأَ.
قَالَ: وَالِاسْتِفْتَاحُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] ، قَالَ: وَلَا أَرَى لِلنَّاسِ إمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخُسُوفِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَإِنَّمَا سُنَّتُهَا أَنْ تُصَلَّى ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ وَكَذَلِكَ سَمِعْتُ.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهَا تُصَلَّى فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: هَلْ تَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي السُّجُودِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ أَنَّهُ يُطِيلُ فِي السُّجُودِ كَمَا يُطِيلُ فِي الرُّكُوعِ؟
قَالَ: لَا إلَّا أَنَّ فِي الْحَدِيثِ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْجُدَ سُجُودًا طَوِيلًا وَلَا أَحْفَظُ طُولَ السُّجُودِ عَنْ مَالِكٍ، قُلْت: فَهَلْ يُوَالِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَلَا يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا قُعُودٌ لَذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ.
قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ صَلَاةَ الْخُسُوفِ سُنَّةٌ لَا تُتْرَكُ مِثْلُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ لَا تُتْرَكُ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: هَلْ يُصَلِّي أَهْلُ الْقُرَى وَأَهْلُ الْعَمُودِ وَالْمُسَافِرُونَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُسَافِرِينَ يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ جَمَاعَةً إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ بِالْمُسَافِرِينَ السَّيْرُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ رَجُلًا مُسَافِرًا صَلَّى صَلَاةَ الْخُسُوفِ وَحْدَهُ عَلَى سُنَّتِهَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْخُسُوفِ جَمَاعَةً أَوْ صَلَّاهَا رَجُلٌ وَحْدَهُ فَبَقِيَتْ الشَّمْسُ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَنْجَلِ، قَالَ: يَكْفِيهِمْ صَلَاتُهُمْ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخُسُوفِ ثَانِيَةً وَلَكِنَّ الدُّعَاءَ وَمَنْ شَاءَ تَنَفَّلَ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ فَقَدْ فَرَغُوا مِنْهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَقَدْ فَرَغَ الْإِمَامُ، هَلْ عَلَى الَّذِي فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ أَنْ يَقْضِيَ شَيْئًا؟
قَالَ: تُجْزِئُهُ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَدْرَكَهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ، كَمَا يُجْزِئُ مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْقِرَاءَةِ إذَا فَاتَتْهُ الْقِرَاءَةُ وَكَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ، قَالَ: وَأَنَا أَرَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إذَا فَاتَهُ أَوَّلُ الرَّكْعَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَة وَأَدْرَكَ الْآخِرَةَ، أَنْ يَقْضِيَ