قَالَ: فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَلْيُصَلُّوهَا رَكْعَتَيْنِ إنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ يُومِئُونَ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى دَوَابِّهِمْ وَعَلَى أَقْدَامِهِمْ وَيَقْرَءُونَ، قُلْت: فَالرَّجَّالَةُ إذَا كَانُوا فِي خَوْفٍ شَدِيدٍ أَيُومِئُونَ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ قَوْلُهُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ خَوْفًا شَدِيدًا قَدْ أَخَذَتْ السُّيُوفُ مَأْخَذَهَا، فَلْيُصَلُّوا إيمَاءً يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ حَيْثُ وُجُوهُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا يَرْكُضُونَ وَيَسْعَوْنَ صَلَّوْا عَلَى قَدْرِ حَالَاتِهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: وَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ أَنْ يُصَلُّوا إيمَاءً بِرُءُوسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا أَوْ رُكْبَانًا يَسِيرُونَ وَيَرْكُضُونَ، أَوْ رَاجِلٌ يَمْشِي أَوْ يَسْعَى صَلَّى كُلٌّ عَلَى جِهَتِهِ يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
فِي السَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ كَيْفَ تَصْنَعُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ؟
قَالَ: تُصَلِّي الطَّائِفَةُ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَيَثْبُتُ الْإِمَامُ قَائِمًا، فَإِذَا صَلَّتْ هِيَ لِنَفْسِهَا بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ، فَإِنْ كَانَ نُقْصَانًا سَجَدُوا قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ يُسَلِّمُونَ وَإِنْ كَانَ زِيَادَةً سَلَّمُوا ثُمَّ سَجَدُوا، فَإِذَا جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى صَلَّوْا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ لِلْإِمَامِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْإِمَامُ جَالِسًا وَيَقُومُونَ هُمْ فَيُتِمُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا سَجَدَ بِهِمْ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ.
قُلْتُ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: هَذَا تَفْسِيرُ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ بِهِ مَالِكٌ أَوَّلًا، ثُمَّ رَجَعَ إلَى حَدِيثِ الْقَاسِمِ فَقَالَ: هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ: أَنْ تَفْعَلَ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى كَمَا فَعَلَتْ تِلْكَ فِي الْأُولَى سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْحَدِيثَيْنِ فِي الطَّائِفَةِ الْآخِرَةِ فِي سَلَامِ الْإِمَامِ، يُسَلِّمُ الْإِمَامُ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ الْقَضَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ أُمِرُوا فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ أَنْ يَسْجُدُوا مَعَهُ السَّجْدَتَيْنِ إنْ كَانَتْ السَّجْدَتَانِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَتَا بَعْدَ السَّلَامِ فَإِذَا قَضَوْا مَا عَلَيْهِمْ سَجَدُوهُمَا بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ. قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إذَا صَلَّتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى أَتَنْصَرِفُ أَمْ تُتِمُّ؟
قَالَ: بَلْ تُتِمُّ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يَكُونُونَ أَهْلَ إقَامَةٍ فَيَنْزِلُ بِهِمْ الْخَوْفُ: إنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ وَيُصَلُّونَهَا أَرْبَعًا عَلَى سُنَّتِهَا عَلَى سُنَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ.
قَالَ مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ: «إنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَصَفَّتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِاَلَّتِي