للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْكُمْ، أَيُعْذَرُ بِهَذَا وَلَا يَكُونُ فَيْئًا؟

قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا وَسَأَلَهُ أَهْلُ الْمِصِّيصَةِ فَقَالَ: إنَّا نَخْرُجُ فِي بِلَادِ الرُّومِ فَنَلْقَى الْعِلْجَ مِنْهُمْ مُقْبِلًا إلَيْنَا، فَإِذَا أَخَذْنَاهُ قَالَ إنَّمَا جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ أَتَرَى أَنْ نُصَدِّقَهُ؟

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: هَذِهِ أُمُورٌ مُشْكِلَةٌ وَأَرَى أَنْ يُرَدَّ إلَى مَأْمَنِهِ، فَأَرَى هَؤُلَاءِ مِثْلَهُ إمَّا قَبِلْت مَا قَالُوا وَإِمَّا رَدَدْتهمْ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْمٍ مِنْ الْعَدُوِّ يُوجَدُونَ قَدْ نَزَلُوا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ضِفَّةِ الْبَحْرِ فِي أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ تُجَّارٌ وَأَنَّ الْبَحْرَ لَفَظَهُمْ هُنَا وَلَا يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ مَرَاكِبَهُمْ قَدْ انْكَسَرَتْ بِهِمْ وَمَعَهُمْ السِّلَاحُ، أَوْ يَشْكُونَ الْعَطَشَ الشَّدِيدَ فَيَنْزِلُونَ لِلْمَاءِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْلِمِينَ؟

قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ، وَلَا أَرَى لِمَنْ أَخَذَهُمْ فِيهِمْ خُمْسًا لَا وَالٍ وَلَا غَيْرَهُ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَكُونُ الْخُمْسُ إلَّا فِيمَا أُوجِفَتْ عَلَيْهِ الْخَيْلُ وَالرِّكَابُ، خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُرَيْظَةَ وَقَسَّمَ النَّضِيرِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي دُجَانَةَ وَالْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ. ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: لَيْسَ لِلْعَدُوِّ الْمُحَارَبِ إذَا قَدِرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فِي نَفْسِهِ قَضَاءٌ، وَلَا أَمَرَهُمْ يَقْضُونَ فِي أَمْرِهِ مَا أَحَبُّوا لَيْسَ لِلْعَدُوِّ أَنْ يَنْزِلُوا بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ لِلتِّجَارَةِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونُوا رُسُلًا بُعِثُوا فِي أَمْرٍ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَدُوِّهِمْ، فَأَمَّا مَنْ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ فَزَعَمَ أَنَّهُ جَاءَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ مُسْتَأْمَنًا بَعْدَمَا أُخِذَ فَلَا أَمَانَ لَهُ. ابْنُ وَهْبٍ.

قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ.

وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إنْ كَانُوا مِنْ أَرْضِ مَتْجَرٍ قَدْ أَمِنُوا بِالتِّجَارَةِ فِيهِمْ وَالِاخْتِلَافِ إلَيْهِمْ فَهُمْ عَلَى مَنْزِلَةِ أَمَانٍ يَشْرَبُونَ مِنْ الْمَاءِ وَيَقْضُونَ حَاجَاتِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَرْضِ عَدُوٍّ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَكُمْ وَلَا بَيْنَهُمْ ذِمَّةٌ وَلَمْ تَكُنْ التِّجَارَةُ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُذْرٌ بِقَوْلِهِمْ إنَّا جِئْنَا تُجَّارًا إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَدُوِّهِمْ بِحَبْلٍ قَدْ ثَبَتَ وَأَمْرٍ قَدْ جَرَى، وَلَوْ تُرِكَ أَشْبَاه هَذَا مِنْ الْعَدُوِّ لَمْ تَزَلْ عَيْنٌ مِنْ الْعَدُوِّ مُطِلَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ يُحَذِّرُونَهُمْ وَيَطْمَعُونَ بِضَعْفِهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرُّومِ يَنْزِلُونَ بِسَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمْ التِّجَارَاتُ بِأَمَانٍ فَيَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ ثُمَّ يَرْكَبُونَ الْبَحْرَ رَاجِعِينَ إلَى بِلَادِهِمْ، فَإِذَا أَمْعَنُوا فِي الْبَحْرِ رَمَتْهُمْ الرِّيحُ إلَى بَعْضِ بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرَ الْبِلَادِ الَّتِي كَانُوا أَخَذُوا فِيهَا الْأَمَانَ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَهُمْ الْأَمَانُ أَبَدًا مَا دَامُوا فِي تَجْرِهِمْ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى بِلَادِهِمْ وَلَا أَرَى لَهُمْ أَنْ يُهَاجِرُوا.

[مَا جَاءَ فِي قَتْلِ الْأُسَارَى]

ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَعُمَرَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ سَبْعِينَ أَسِيرًا بَعْدَ الْإِثْخَانِ مِنْ يَهُودٍ، وَقَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ مُعَيْطٍ أُتِيَ بِهِ أَسِيرًا يَوْمَ بَدْرٍ فَذَبَحَهُ، فَقَالَ: " مَنْ لِلصِّبْيَةِ "؟

قَالَ: النَّارُ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ اللَّيْثِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>