للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَوْ عَبْدًا لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، قَتَلَا رَجُلًا مَنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، أَتَضْرِبُهُمَا مِائَةً وَتَحْبِسُهُمَا عَامًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَقْتُلُ عَمْدًا فَيَعْفُوا أَوْلِيَاءُ الدَّمِ عَنْهُ: إنَّهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا، فَأَرَى فِي هَذَا أَنَّهُمَا يَضْرِبَانِ مِائَةً وَيَحْبِسَانِ عَامًا كُلَّ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا إذَا عُفِيَ عَنْهُمْ، عَبِيدًا كَانُوا أَوْ إمَاءً أَوْ أَحْرَارًا، مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ ذِمِّيِّينَ أَوْ عَبِيدًا لِأَهْلِ الذِّمَّةِ، فَهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ

قُلْتُ: فَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ وَلِيًّا لِي عَمْدًا فَعَفَوْتُ عَنْهُ، وَلَمْ أَشْتَرِطْ أَنِّي إنَّمَا عَفَوْتُ عَنْهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي أَوْ لِسَيِّدِهِ، أَيَكُونُ لِي أَوْ لِسَيِّدِهِ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَعْفُو عَنْ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ وَالْقَاتِلُ حُرٌّ وَلَا يَشْتَرِطُ الدِّيَةَ ثُمَّ طَلَبَ الدِّيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ لَهُ سَبَبٌ أَرَادَهُ، فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا عَفَوْتُ عَنْهُ إلَّا عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ، وَمَا كَانَ عَفْوِي عَنْهُ تَرْكًا لِلدِّيَةِ، ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ. وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ إنَّمَا عَفَا عَنْهُ لِيَسْتَحْيِيَهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ سَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ.

قُلْتُ: فَلَوْ عَفَا وَلِيُّ الدَّمِ، إذَا كَانَ عَمْدًا، عَنْ الْعَبْدِ، عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَقَالَ سَيِّدُ الْعَبْدِ: لَا أَدْفَعُهُ إلَيْك إمَّا أَنْ تَقْتُلَ وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكَ؟ قَالَ: لَا يَنْظُرُ إلَى قَوْلِ سَيِّدِ الْعَبْدِ، وَيَأْخُذُهُ هَذَا الَّذِي عَفَا عَنْهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَبْدُ. كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْعَبْدِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الدِّيَةَ وَيَأْخُذَ الْعَبْدَ فَذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ عَفَوْتُ عَنْ هَذَا الْعَبْدِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لِي - وَقَدْ قَتَلَ وَلِيِّي عَمْدًا فَأَخَذْتُهُ - أَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ وَذَلِكَ رَأْيِي.

[الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا]

مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ مَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أَيَكُونُ فِيهِ الْإِبِلُ أَمْ الدَّنَانِيرُ - عَلَى الضَّارِبِ - أَمْ الْغُرَّةُ أَمْ الدَّرَاهِمُ؟ قَالَ مَالِكٌ: فِي الْغُرَّةِ الَّتِي قَضَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْحُمْرَانُ مِنْ الرَّقِيقِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ السُّودَانِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُمْرَانُ مِنْ الرَّقِيقِ قَلِيلَةً فِي الْأَرْضِ الَّتِي يُقْضَى فِيهَا بِالْغُرَّةِ فَيُؤْخَذُ مِنْ السُّودَانِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالْقِيمَةُ فِي ذَلِكَ خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَيْسَ الْقِيمَةُ عِنْدَنَا كَالسَّنَةِ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا، وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ حَسَنًا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَفِي هَذَا - مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - مَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْجَنِينِ إذَا وَقَعَتْ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ، أَنَّ عَلَيْهِمْ غُرَّةً وَلَيْسَتْ بِإِبِلٍ. وَقَدْ قَضَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغُرَّةِ - وَالدِّيَةُ يَوْمَئِذٍ إبِلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِنَّمَا قَضَى بِالْغُرَّةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ الْإِبِلَ، وَإِنَّمَا قَوَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>