الْفُسْطَاطِ؟ فَقَالَ: لَا يُجْزِئُهُ قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَ الرَّسُولِ يُصَلِّي فِيهِ، فَلْيَأْتِهِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ، قَالَ: وَهَذَا لَمَّا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِيهِ فَقَدْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَهُ.
[خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ وَطَعَامِهِ وَدُخُولِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَعَمَلِهِ]
فِي خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ وَطَعَامِهِ وَدُخُولِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَعَمَلِهِ قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ كَانَتْ إذَا اعْتَكَفَتْ لَا تَسَلْ عَنْ الْمَرِيضِ إلَّا وَهِيَ تَمْشِي وَلَا تَقِفُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَأْتِي الْمُعْتَكِفُ حَاجَةً وَلَا يَخْرُجُ إلَيْهَا وَلَا يُعِينُ أَحَدًا أَنْ يَخْرُجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَلَوْ كَانَ خَارِجًا لِشَيْءٍ لَكَانَ أَحَقُّ مَا يَخْرُجُ إلَيْهِ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ وَالصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ وَاتِّبَاعَهَا قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ الْمُعْتَكِفُ مُعْتَكِفًا حَتَّى يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ وَاتِّبَاعِهَا وَدُخُولِ الْبَيْتِ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا اعْتَكَفَ لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» .
قَالَ مَالِكٌ: وَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ الرَّجُلِ الْمُعْتَكِفِ هَلْ يَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقْفِ بَيْتٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
[الِاعْتِكَاف فِي غَيْر مَسْجِد الْجَمَاعَة وَالْمَبِيت فِي غَيْر الْمَسْجِد]
فِي الْمُعْتَكِفِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي غَيْرِ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيتَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْكَرُ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ تُجْمَعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ قَالَ: وَلَا أَرَاهُ كَرِهَ الِاعْتِكَافَ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي لَا تُجَمَّعُ فِيهَا الْجُمَعُ إلَّا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَخْرُجَ الْمُعْتَكِفُ مِنْ مَسْجِدِهِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ إلَى الْجُمُعَةِ أَوْ يَدَعَهَا، قَالَ: فَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا لَا تُجَمَّعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَلَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ إتْيَانُ الْجُمُعَةِ فِي مَسْجِدٍ سِوَاهُ، فَإِنِّي لَا أَرَى بَأْسًا فِي الِاعْتِكَافِ فِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] فَعَمَّ اللَّهُ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا وَلَمْ يَخُصَّ مِنْهَا شَيْئًا.
قَالَ مَالِكٌ: فَمِنْ هُنَالِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي لَا تُجَمَّعُ فِيهَا الْجُمُعَةُ: إذَا كَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُجَمَّعُ فِيهَا الْجُمَعُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَبِيتُ الْمُعْتَكِفُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ خِبَاؤُهُ فِي رَحَبَةٍ مِنْ رِحَابِ، الْمَسْجِدِ، وَقَالَ مَالِكٌ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، أَنَّهُ لَا يَبِيتُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ قَوْلُ عَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إذَا اعْتَكَفَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: وَسَأَلْتُ