أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ مُنْذُ سُنَّةٍ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِ عُدُولٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَاسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ أَقَرَّ، وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا إذَا كَانَتْ قَدْ حَاضَتْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ حِيَضٍ مِنْ يَوْمِ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبَتَّةِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يَتَوَارَثَا، وَقَدْ بَيَّنَّا قَوْلَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي مِثْلِ هَذَا.
[امْرَأَةُ الذِّمِّيِّ تُسْلِمُ ثُمَّ يَمُوتُ الذِّمِّيُّ فِي الْعِدَّةِ]
امْرَأَةُ الذِّمِّيِّ تُسْلِمُ ثُمَّ يَمُوتُ الذِّمِّيُّ ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَفِي تَزْوِيجِهَا فِي الْعِدَّةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ ذِمِّيَّةً أَسْلَمَتْ تَحْتَ ذِمِّيٍّ فَمَاتَ الذِّمِّيُّ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا أَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَوْ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ لَمْ يَلْزَمْهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ، قُلْتُ: وَلَا يَكُونُ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ شَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ لَمْ يَمُتْ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ مَهْرِهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذْرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٤٠] .
فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا مَنْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَكَانَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا فِي عِدَّتِهَا وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ دَخَلَ زَوْجُهَا بِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ فَالْوَلَدُ لِلْآخَرِ إذَا وَلَدَتْهُ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَالْعِدَّةُ وَضْعُ الْحَمْلِ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ أَوْ أَكْثَرَ وَكَانَ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ وَقَدْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ فَالْعِدَّةُ وَضْعُ الْحَمْلِ وَهُوَ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ وَالْوَلَدُ وَلَدُ الْآخَرِ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا قَالَ: إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ فَالْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مَا حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ فَالْوَلَدُ لِلْآخَرِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ بِهَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ كَانَ لِلْأَوَّلِ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مَنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا لَمْ يَتَنَاكَحَا أَبَدًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ وَإِذَا لَمْ يُسْلِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بَانَتْ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ، مِثْلُ الَّذِي يُطَلِّقُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ فَتَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ فَهِيَ مُتَزَوِّجَةٌ فِي عِدَّةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute