الْيَوْمِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَنْفُوسُ وَالِدُهُ غَنِيٌّ أَلَيْسَ يَبْدَأُ بِكُلِّ مَنْفُوسٍ وَالِدُهُ فَقِيرٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ فِي رَأْيِي.
قُلْتُ: أَفَكَانَ يُعْطِي النِّسَاءَ مِنْ هَذَا الْمَالِ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْسِمُ لِلنِّسَاءِ حَتَّى أَنْ كَانَ لَيُعْطِيهِنَّ الْمِسْكَ، وَمُجْمَلُ مَا رَأَيْت مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْفَقِيرَةِ مِنْهُنَّ قَبْلَ الْغَنِيَّةِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا قَوْلُ مَالِكٍ يُسَوِّي بَيْنَ النِّسَاءِ فِي هَذَا الْفَيْءِ، أَرَأَيْتَ الصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ وَالْمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ أَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ؟
قَالَ: إنَّمَا تَفْسِيرُهُ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ إنْسَانٍ بِقَدْرِ مَا يُغْنِيهِ، الصَّغِيرَ بِقَدْرِ مَا يُغْنِيهِ، وَالْكَبِيرَ بِقَدْرِ مَا يُغْنِيهِ، وَالْمَرْأَةَ بِقَدْرِ مَا يُغْنِيهَا، هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِ عِنْدِي يُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَالِ، قُلْتُ: فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَمَا اسْتَغْنَى أَهْلُ الْإِسْلَامِ مِنْ هَذَا الْمَالِ فَضْلٌ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، إنْ رَأَى أَنْ يَحْبِسَ مَا بَقِيَ لِنَوَائِبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ حَبَسَهُ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يُفَرِّقَهُ عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ فَرَّقَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْت: أَهَذَا الْفَيْءُ حَلَالٌ لِلْأَغْنِيَاءِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَقَدْ حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ أُتِيَ بِمَالٍ عَظِيمٍ مِنْ بَعْضِ النَّوَاحِي فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ فَصُبَّ فِي الْمَسْجِدِ فَبَاتَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَحْرُسُونَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ كُشِفَ عَنْهُ أَنْطَاعٌ أَوْ مُسُوحٌ كَانَتْ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الشَّمْسُ انْفَلَقَتْ وَكَانَتْ فِيهِ تِيجَانٌ، فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ هَذَا حِينَ بُكَاءٍ إنَّمَا هَذَا حِينُ شُكْرٍ، فَقَالَ: إنِّي أَقُولُ مَا فَتَحَ اللَّهُ هَذَا عَلَى قَوْمٍ قَطُّ إلَّا سَفَكُوا عَلَيْهِ دِمَاءَهُمْ وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ الْأَرْقَمِ: اُكْتُبْ لِي النَّاسَ فَكَتَبَهُمْ ثُمَّ جَاءَ بِالْكِتَابِ، فَقَالَ لَهُ: هَلْ كَتَبْتَ النَّاسَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَدْ كَتَبْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِينَ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمُحَرَّرِينَ يَعْنِي الْمُعْتَقِينَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ارْجِعْ فَاكْتُبْ فَلَعَلَّك تَرَكْتَ رَجُلًا لَمْ تَعْرِفْهُ، أَرَادَ أَنْ لَا تَتْرُكَ أَحَدًا فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّك أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقْسِمُ لِجَمِيعِ النَّاسِ.
قَالَ: وَسَمِعْت مَالِكًا يَذْكُرُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ بِمِصْرَ فِي زَمَنِ الرَّمَادَةِ، قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: وَزَمَنُ الرَّمَادَةِ أَكَانَتْ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: بَلْ كَانَتْ سِتَّ سِنِينَ، قَالَ: فَكَتَبَ إلَيْهِ، وَاغَوْثَاهُ وَاغَوْثَاهُ وَاغَوْثَاهُ، قَالَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، قَالَ: فَكَانَ يَبْعَثُ إلَيْهِ بِالْبَعِيرِ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ فِي الْعَبَاءِ قَالَ فَيَقْسِمُهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَيَدْفَعُ الْحِمْلَ بِبَعِيرِهِ كَمَا هُوَ إلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فَيَقُولُ لَهُمْ: كُلُوا دَقِيقَهُ وَالْتَحِفُوا الْعَبَاءَةَ وَانْحَرُوا الْبَعِيرَ وَائْتَدِمُوا شَحْمَهُ وَكُلُوا لَحْمَهُ.
[بَابُ السَّلَبِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقْتُلُ الْقَتِيلَ، هَلْ يَكُونُ سَلَبُهُ لِمَنْ قَتَلَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute