للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثِيفًا سَحْنُونٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَتَّقِي بِفُضُولِ ثِيَابِهِ بَرْدَ الْأَرْضِ وَحَرَّهَا، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا يَسْجُدُ إلَى جَنْبِهِ وَقَدْ اعْتَمَّ عَلَى جَبْهَتِهِ فَحَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جَبْهَتِهِ» مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَيْوَانَ الشَّيْبَانِيِّ.

[صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْجُدَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ قَائِمًا وَيَقْدِرُ عَلَى الْجُلُوسِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ جَمِيعًا وَيَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ، أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ وَجَلَسَ فَأَوْمَأَ لِلسُّجُودِ جَالِسًا عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ قَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ قَائِمًا فَأَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ ثُمَّ يَجْلِسُ وَيَسْجُدُ إيمَاءً.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي بِجَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ مِنْ الْجِرَاحِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ السُّجُودَ يَفْعَلُ كَمَا يَفْعَلُ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالْجُلُوسِ كَمَا فَسَّرْتُ لَكَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلَ شَيْخٌ مَالِكًا وَأَنَا عِنْدَهُ عَنْ الَّذِي يَكُونُ بِرُكْبَتَيْهِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ السُّجُودِ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهِمَا فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ لَهُ: افْعَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا اسْتَطَعْتَ وَمَا يَسِرَ عَلَيْكَ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ جَالِسًا وَلَا يَقْوَى إلَّا عَلَى ذَلِكَ: فَيَصِحُّ بَعْدُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ أَنَّهُ يَقُومُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ وَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عِنْدِي وَكَذَلِكَ لَوْ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ صَلَّى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ جَالِسًا.

وَقَالَ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ تَحْوِيلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ لِمَرَضٍ بِهِ أَوْ جِرَاحٍ: إنَّهُ لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَيُحْتَالُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ هُوَ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ أَعَادَ مَا دَامَ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَرِيضُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا صَلَّى عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُ مِنْ قُعُودٍ أَوْ عَلَى جَنْبِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَرِيضِ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ قَاعِدًا، قَالَ: يُصَلِّي عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُ مِنْ قُعُودِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا فَعَلَى جَنْبِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ يَجْعَلُ رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَوَجْهَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْجُلُوسِ هَذَا الْمَرِيضُ إذَا رَفَدُوهُ أَيُصَلِّي جَالِسًا مَرْفُودًا أَحَبُّ إلَيْك أَمْ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا؟

قَالَ: بَلْ يُصَلِّي جَالِسًا مَمْسُوكًا أَحَبُّ إلَيَّ وَلَا يُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَلَا يَسْتَنِدُ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ. قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَيْفَ يُصَلِّي؟ قَالَ: يُومِئُ بِرَأْسِهِ قَائِمًا لِلرُّكُوعِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ وَيَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ سَجَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ وَيَقْدِرُ عَلَى الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ جَالِسًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>