للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَيِّتِ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ: أَنَا أَحْلِفُ وَآخُذُ حَقِّي؟

قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: وَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا يُرِيدُ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ بِإِقْرَارِهِ بِهَذَا الدَّيْنِ، وَلَا يَتَّهِمُهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ بِإِقْرَارِهِ بِهَذَا الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَدِمَ فِي الْقِسْمَةِ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ بِمِثْلِ ذَلِكَ، يُرِيدُ بِهِ إبْطَالَ الْقِسْمَةِ لَعَلَّهُ أَنْ يَجُرَّ إلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ مَنْفَعَةً كَبِيرَةً؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنْ يُقَالَ لِلْوَرَثَةِ إذَا حَلَفَ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ إنْ شِئْتُمْ فَادْفَعُوا إلَيْهِ مَا اسْتَحَقَّ بِإِقْرَارِ هَذَا مَعَ يَمِينِهِ أَنْتُمْ وَهَذَا الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ وَتَنْفُذُ قِسْمَتُكُمْ، وَإِلَّا أَبْطَلْنَا الْقِسْمَةَ وَأَعْطَيْنَا هَذَا دَيْنَهُ ثُمَّ قَسَمْنَا مَا بَقِيَ بَيْنَكُمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْوَرَثَةُ: نَحْنُ نُخْرِجُ مَا يُصِيبُنَا مِنْ هَذَا الدَّيْنِ، وَقَالَ هَذَا الَّذِي أَقَرَّ: لَا أُخْرِجُ أَنَا دَيْنَهُ، وَلَكِنْ اُنْقُضُوا الْقِسْمَةَ وَبِيعُوا حَتَّى تُوَفُّوهُ حَقَّهُ؟

قَالَ: يُقَالُ لِلْوَرَثَةِ: أَخْرِجُوا هَذَا الَّذِي يَصِيرُ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّ هَذَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ قِيلَ لِهَذَا الَّذِي أَقَرَّ: أَعْطِ حِصَّتَكَ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْكَ مَا أَخَذْتَ مِنْ مِيرَاثِكَ. قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوا حَتَّى يَأْخُذَهَا هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ حَقُّهُ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ حَقَّهُ.

[فِي الْوَصِيَّةِ تَلْحَقُ الْمَيِّتَ بَعْدَ الْقِسْمَةَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اقْتَسَمُوا دُورًا وَرَقِيقًا وَأَرَضِينَ وَحَيَوَانًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَأَتَى رَجُلٌ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ، أَوْ أَتَى رَجُلٌ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَارِثٌ مَعَهُمْ؟

قَالَ: إنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَعُرُوضًا، فَإِنَّمَا لِهَذَا الْمُوصَى لَهُ وَلِهَذَا الْوَارِثِ الَّذِي لَحِقَ، أَنْ يَتْبَعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَا صَارَ فِي يَدَيْهِ مِنْ حَقِّهِ إذَا كَانَ مَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَى هَذَا الْمُوصَى لَهُ أَوْ إلَى هَذَا الْوَارِثِ حَقَّهُ مِمَّا فِي يَدَيْهِ، وَيَنْقَسِمُ ذَلِكَ. وَأَمَّا الدُّورُ وَالْأَرَضُونَ، فَإِنْ كَانُوا اقْتَسَمُوا كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَمْ يَجْمَعُوا الدُّورَ فِي الْقَسْمِ، فَأُعْطِيَ كُلُّ إنْسَانٍ حَقَّهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَالْأَرَضُونَ كَذَلِكَ اقْتَسَمُوهَا وَالْأَجِنَّةُ كَذَلِكَ اقْتَسَمُوهَا، فَأَرَى أَنْ تُنْتَقَضَ الْقِسْمَةُ حَتَّى يُجْمَعَ لَهُ حَقُّهُ فِي كُلِّ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ جِنَانٍ كَمَا يُجْمَعُ لَهُمْ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ قَدْرَ نَصِيبِهِ، فَيَتَفَرَّقَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَكُونَ ضَرَرًا بِهِ بَيِّنًا. وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمُوا الدُّورَ، فَلَمْ يُقْطَعْ لِكُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ نَصِيبُهُ فِي كُلِّ دَارٍ، وَلَكِنْ جُمِعَ لَهُ فَإِنَّهُ أَيْضًا لَا يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ إنْسَانٍ حَقَّهُ فَيَتَفَرَّقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ الثَّانِيَةَ فَيَجْمَعُونَ نَصِيبَهُ كَمَا جُمِعَ لَهُمْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَرَكَ دُورًا أَوْ عَقَارًا أَوْ عُرُوضًا وَلَمْ يَتْرُكْ دَرَاهِمَ وَلَا دَنَانِيرَ، فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ بَعْدَمَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ يُقَالَ لِلْوَرَثَةِ: اصْطَلِحُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَأَخْرِجُوا وَصِيَّةَ هَذَا الرَّجُلِ وَأَقِرُّوا قِسْمَتَكُمْ بِحَالِهَا إنْ أَحْبَبْتُمْ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>