للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَنْ يَقْدَمُ مِنْ الشَّامِ سَنَةً، فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَشَأْنُكَ بِهَا. فَقَدْ قَالَ لَهُ عُمَرُ: عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ. فَأَرَى أَنْ يُعَرِّفَ اللُّقَطَةَ مَنْ الْتَقَطَهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَفِي مَوْضِعِهَا أَوْ حَيْثُ يَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَهَا هُنَاكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا أُصِيبَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لُقَطَةً عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ يُعْلَمُ أَنَّهُ مَنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَيُخَمَّسُ؟ أَمْ يَكُونُ فِيهِ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: يُخَمَّسُ، وَإِنَّمَا الزَّكَاةُ فِي الْمَعَادِنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. وَمَا أُصِيبَ فِي الْمَعَادِنِ بِغَيْرِ كَبِيرِ عَمَلٍ مِثْلُ النَّدْرَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرِّكَازِ، فِيهِ الْخُمْسُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ دَفْنَ الْجَاهِلِيَّةِ مَا نِيلَ مِنْهُ بِعَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ؟

قَالَ: فِيهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْخُمْسُ، وَالرِّكَازُ كُلُّهُ فِيهِ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - الْخُمْسُ مَا نِيلَ مِنْهُ بِعَمَلٍ وَمَا نِيلَ بِغَيْرِ عَمَلٍ. قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ تُرَابٍ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ يُغْسَلُ فَيُوجَدُ فِيهِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَرُبَّمَا أَصَابُوا فِيهِ تَمَاثِيلَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؟

قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا التَّمَاثِيلُ فَفِيهَا الْخُمْسُ، وَأَمَّا تُرَابُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ تُرَابِ الْمَعَادِنِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ الْتَقَطْت لُقَطَةً فَأَتَى رَجُلٌ فَوَصَفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعِدَّتَهَا، أَيَلْزَمُنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهَا شَيْئًا، وَلَا أَشُكُّ أَنَّ هَذَا وَجْهُ الشَّأْنِ فِيهَا وَتُدْفَعُ إلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَصَفَ لِي مِثْلَ مَا وَصَفَ الْأَوَّلُ، أَوْ جَاءَ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ اللُّقَطَةَ كَانَتْ لَهُ، أَيَضْمَنُ الَّذِي الْتَقَطَ تِلْكَ اللُّقَطَةَ وَقَدْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ ذَهَبَ بِهَا؟

قَالَ: لَا، لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا بِأَمْرٍ كَانَ ذَلِكَ وَجْهَ الدَّفْعِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا أَخَذَهَا» . أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنَّمَا قِيلَ لَهُ اعْرِفْ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَيْ حَتَّى إذَا جَاءَ طَالِبُهَا ادْفَعْهَا إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلِمَاذَا قِيلَ لَهُ اعْرِفْ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ قُلْتُ: وَتَرَى أَنْ يُجْبِرَهُ السُّلْطَانُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ إذَا اعْتَرَفَهَا هَذَا وَوَصَفَ صِفَاتِهَا وَعِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا؟

قَالَ: نَعَمْ، أَرَى أَنْ يُجْبِرَهُ. وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَزَادَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَإِنْ أَبَى عَنْ الْيَمِينِ فَلَا شَيْءَ لَهُ

[التِّجَارَةُ فِي اللُّقَطَةِ وَالْعَارِيَّةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا حُرًّا الْتَقَطَ لُقَطَةً، أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ عَبْدًا تَاجِرًا، أَيَتَّجِرُ بِهَا فِي السَّنَةِ الَّتِي يُعَرِّفُهَا فِيهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْوَدِيعَةِ: لَا يَتَّجِرُ بِهَا. فَأَرَى اللُّقَطَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فِي السَّنَةِ الَّتِي يُعَرِّفُهَا لَا يَتَّجِرُ بِهَا وَلَا بَعْدَ السَّنَةِ أَيْضًا، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا مَضَتْ السَّنَةُ لَمْ آمُرْهُ بِأَكْلِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ تَعْرِيفَهُ إيَّاهَا فِي السَّنَةِ، أَبِأَمْرِ الْإِمَامِ أَمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؟ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الْإِمَامَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، إنَّمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " يُعَرِّفُهَا سَنَةً " فَأَمْرُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءٌ فِي هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>