للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي عَبْدِ النَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ وَسَيِّدُهُ غَائِبٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ النَّصْرَانِيَّ وَمَوْلَاهُ نَصْرَانِيٌّ، أَسْلَمَ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ غَائِبٌ، أَيُبَاعُ عَلَى سَيِّدِهِ أَمْ يَنْتَظِرُ سَيِّدَهُ حَتَّى يَقْدُمَ؟

قَالَ: إنْ كَانَ غَيْبَةُ السَّيِّدِ قَرِيبَةً نَظَرَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُعَجِّلْ فِي بَيْعِهِ، لَعَلَّ سَيِّدَهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ فَيَكُونَ الْعَبْدُ لَهُ عَلَى حَالِهِ عَبْدًا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بَاعَهُ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَنْتَظِرْهُ.

قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَمَةً؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي نَصْرَانِيٍّ تَزَوَّجَ نَصْرَانِيَّةً فَأَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا زَوْجُهَا.

قَالَ مَالِكٌ: يَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ الزَّوْجِ قَرِيبًا اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَرْأَةِ وَكَتَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، لَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْمَرْأَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً لَمْ يَأْمُرْهَا أَنْ تَنْتَظِرَهُ، وَلَهَا أَنْ تُنْكَحَ مَكَانَهَا إنْ أَحَبَّتْ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَتْ وَلَمْ تَنْتَظِرْهُ؛ لِأَنَّ غَيْبَتَهُ كَانَتْ بَعِيدَةً، فَقَدِمَ الزَّوْجُ وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ فِي مَغِيبِهِ قَبْلَهَا؟

قَالَ: إذَا أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا زَوْجُهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ بَنَى بِهَا زَوْجُهَا الثَّانِي فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الَّتِي تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ وَقَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا: إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً سُئِلَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً أَنْتَظَرَتْهُ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَإِنْ قَدِمَ زَوْجُهَا وَقَدْ تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا الثَّانِي وَقَدْ كَانَ إسْلَامُهُ قَبْلَ إسْلَامِهَا أَوْ فِي عِدَّتِهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا، وَإِنْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَقَدْ كَانَ إسْلَامُهُ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَك فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا.

قُلْتُ: وَلِمَ قَالَ مَالِكٌ هَذَا؟

قَالَ: رَآهُ مِثْلَ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الَّتِي يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا فَتَعْلَمُ بِطَلَاقِهِ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا فَلَا تَعْلَمُ بِرَجْعَتِهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، أَنَّهُ إنَّ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا زَوْجُهَا هَذَا الثَّانِي فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ أَدْرَكَهَا بَعْدَمَا بَنَى بِهَا زَوْجُهَا الثَّانِي فَلَا سَبِيلَ لِلْأَوَّلِ إلَيْهَا، فَكَذَلِكَ هَذِهِ فِي إسْلَامِهَا.

[اشْتَرَى شِقْصًا فَبَنَاهُ مَسْجِدًا ثُمَّ أَتَى الشَّفِيعُ]

فِيمَنْ اشْتَرَى شِقْصًا فَبَنَاهُ مَسْجِدًا ثُمَّ أَتَى الشَّفِيعُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْتُ شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَقَاسَمْتُ شَرِيكِي وَبَنَيْتُهُ مَسْجِدًا، ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَأَرَادَ رَدَّ قِسْمَتِي وَأَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَيَهْدِمَ الْمَسْجِدَ، أَلَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ بِيعَ هَذَا الشِّقْصُ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ، فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِمَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ وَهُوَ مِدْيَانٌ، فَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَبَاعُوا عَلَيْهِ مَا اشْتَرَى، أَوْ مَاتَ فَبَاعَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ لِلْغُرَمَاءِ، ثُمَّ أَتَى الشَّفِيعُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الصَّفْقَةَ الْأُولَى، أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الشِّقْصَ مِنْ الدَّارِ فَيَبِيعُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَيَبِيعُهَا ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ آخَرَ، ثُمَّ يَأْتِي الشَّفِيعُ، أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّ صَفْقَةٍ شَاءَ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك.

<<  <  ج: ص:  >  >>