للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَسْخِ الْكِرَاءِ]

مَا جَاءَ فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ثَوْرًا يَطْحَنُ لِي كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ فَوَجَدْتُهُ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا وَاحِدًا؟ قَالَ: لَكَ أَنْ تَرُدَّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كُنْتُ قَدْ طَحَنْتُ عَلَيْهِ إرْدَبًّا أَوَّلَ يَوْمٍ كَمْ يَكُونُ لَهُ عَلَيَّ مِنْ الْكِرَاءِ؟

قَالَ: نِصْفُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى طَحِينِ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْتُ دَابَّةً بِعَيْنِهَا أَوْ بَعِيرًا بِعَيْنِهِ فَإِذَا هُوَ عَضُوضٌ أَوْ جَمُوحٌ أَوْ لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ أَوْ دَبِرَ تَحْتِي دَبْرَةً فَاحِشَةً يُؤْذِينِي رِيحُهَا أَيَكُونُ هَذَا مِمَّا يُفْسَخُ بِهِ الْكِرَاءُ فِيمَا بَيْنَنَا أَمْ لَا؟

قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ الْعَضُوضِ وَالْجَمُوحِ وَاَلَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالرَّاكِبِ يُؤْذِيهِ فَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُ الْكِرَاءَ إنْ أَحَبَّ، وَالدَّبْرَةُ الَّتِي ذَكَرْتَ إنْ كَانَتْ مُضِرَّةً بِالرَّاكِبِ تُؤْذِيهِ فَأَرَى أَنْ يُفَاسِخَهُ الْكِرَاءَ إنْ أَحَبَّ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: هُوَ مِمَّا يُفْسَخُ بِهِ الْكِرَاءُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهَا عُيُوبٌ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَلْزَمَهَا النَّاسُ فِي كِرَائِهِمْ إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِذَلِكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَمَرِضَ أَوْ دَابَّةً لِأَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَاعْتَلَّتْ أَيَكُونُ هَذَا عُذْرًا وَأُنَاقِضُهُ الْإِجَارَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ إنْ صَحَّ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ عَمِلَ لَكَ مَا صَحَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَ عَلَيْكَ كِرَاءُ مَا عَمِلَ لَكَ وَيَسْقُطُ عَنْكَ كِرَاءُ مَا مَرِضَ فِيهِ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَالدَّابَّةُ عِنْدِي لَيْسَتْ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ إذَا اعْتَلَّتْ وَقَدْ تَكَارَاهَا إلَى إفْرِيقِيَّةَ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَلَيْهَا فَهِيَ، وَإِنْ صَحَّتْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ صَاحِبُهَا الَّذِي تَكَارَاهَا إلَى إفْرِيقِيَّةَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّ الَّذِي اكْتَرَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُقَامِ عَلَيْهَا، وَإِنْ صَحَّتْ بَعْدَهُ لَمْ تَلْحَقْهُ، وَهِيَ وَإِنْ صَحَّتْ وَلَحِقَتْهُ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اكْتَرَى غَيْرَهَا، فَإِنْ لَزِمَهُ هَذَا أَيْضًا فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْخِدْمَةِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْمُكْتَرِي أَنَا أُقِيمُ عَلَى الدَّابَّةِ حَتَّى تُفِيقَ مِنْ عِلَّتِهَا ثُمَّ أَرْكَبَهَا وَقَالَ رَبُّهَا: لَا تُقِيمُ عَلَيْهَا وَأَنَا أُرِيدُ بَيْعَهَا إذَا صَارَتْ لَا تَحْمِلُ وَلَا أَقْدِرُ عَلَى الْمُقَامِ عَلَيْهَا وَالنَّفَقَةِ؟ قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَاضَ تَخْتَلِفُ، فَإِنْ كَانَ مَرَضًا يُرْجَى بَرْؤُهُ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ الْأَمْرِ الْقَرِيبِ لَا يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْرِي، فَهَذَا يُحْبَسُ رَبُّ الدَّابَّةِ عَلَى دَابَّتِهِ حَتَّى يُنْظَرَ إلَى مَا يَصِيرُ أَمْرُهَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا لَا يُرْجَى بَرْؤُهُ إلَّا بَعْدَ زَمَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>