وَأَنَّ الْوَصِيَّ الَّذِي يُثْبِتُ، أَوْ الْوَكِيلَ لَيْسَ بِمَالٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا إذَا أَثْبَتَا وَاسْتَحَقَّا مِنْ الْمَالِ شَيْئًا، يَكُونُ لَهُمَا بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ أَنَّهُمَا لَا يَحْلِفَانِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ لَهُمَا وَأَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ غَيْرَهُمَا وَهُوَ صَاحِبُ الْمَالِ، وَإِنَّمَا جَازَتْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْأَمْوَالِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَالَ بِشَهَادَتَيْنِ.
[فِي شَهَادَةِ الْوَصِيِّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِلْوَارِثِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ الْوَصِيُّ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا، أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ؟ قَالَ: إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ عُدُولًا، وَكَانَ لَا تَجُرُّ شَهَادَتُهُ شَيْئًا يَأْخُذُهُ، فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ الْوَصِيُّ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ لَهُمْ عَلَى أَحَدٍ مَنْ النَّاسِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ النَّاظِرُ لَهُمْ. قُلْتُ: فَإِنْ كَانُوا كِبَارًا قَالَ: إذَا كَانُوا كِبَارًا وَكَانُوا عُدُولًا يَلُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَرَى شَهَادَتَهُ جَائِزَةً لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَقْبِضُ لَهُمْ الْوَصِيُّ شَيْئًا، إنَّمَا يَقْبِضُونَ هُمْ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُمْ مَرْضِيَّةً.
[فِي الْيَمِينِ مَعَ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا وَكَذَا، أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ جَائِزَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُنَّ حَلَفَ مَعَهُنَّ وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ.
قَالَ: وَامْرَأَتَانِ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، يَحْلِفُ مَعَهُنَّ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ.
قُلْتُ: وَيَحْلِفُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: فَإِنْ شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ لِعَبْدٍ أَوْ لِامْرَأَةٍ أَوْ لِصَبِيٍّ، أَيَحْلِفُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ؟
قَالَ: أَمَّا الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ فَنَعَمْ، يَحْلِفُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ. وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا يَحْلِفُ حَتَّى يَكْبُرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ كَبِيرٌ وَاحِدٌ أَوْ كَبِيرَانِ، أَيَحْلِفَانِ؟
قَالَ: مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِقْدَارَ حَقِّهِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَصَاغِرُ شَيْئًا. وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: فَإِنْ نَكَلَ الْأَكَابِرُ عَنْ الْيَمِينِ، وَبَلَغَ الصِّغَارُ، كَانَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَسْتَحِقُّوا حَقَّهُمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الذِّمِّيَّ إذَا شَهِدَ لَهُ امْرَأَتَانِ بِحَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ عَلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ، أَيَحْلِفُ الذِّمِّيُّ مَعَ شَهَادَةِ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: شَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ جَائِزَةٌ فِي الدَّيْنِ يُسْتَحْلَفُ مَعَ شَهَادَتِهِمَا صَاحِبُ الْحَقِّ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.