للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ]

فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمَرْأَتَيْنِ إذَا كَانَتَا تَحْتَ الرَّجُلِ، أَيَصْلُحُ أَنْ يَقْسِمَ يَوْمَيْنِ لِهَذِهِ وَيَوْمَيْنِ لِهَذِهِ أَوْ شَهْرًا لِهَذِهِ وَشَهْرًا لِهَذِهِ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يَقُولُ إلَّا يَوْمًا لِهَذِهِ وَيَوْمًا لِهَذِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَكْفِيكَ مَا مَضَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا وَأَصْحَابِهِ وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ قَسَمَ إلَّا يَوْمًا هَهُنَا وَيَوْمًا هَهُنَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَدْ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ رُبَّمَا غَاضَبَ بَعْضَ نِسَائِهِ فَيَأْتِيهَا فِي يَوْمِهَا فَيَنَامُ فِي حُجْرَتِهَا، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ يَوْمَيْنِ هَهُنَا وَيَوْمَيْنِ هَهُنَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَأَقَامَ عُمَرُ عِنْدَ الَّتِي هُوَ عَنْهَا رَاضٍ، حَتَّى إذَا رَضِيَ عَنْ الْأُخْرَى وَفَّاهَا أَيَّامَهَا، فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَتَزَوَّجُ الْبِكْرَ، كَمْ يَكُونُ لَهَا مِنْ الْحَقِّ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا وَلَا يَحْسِبَهُ عَلَيْهَا فِي الْقَسْمِ بَيْنَ نِسَائِهِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ.

قُلْتُ: وَذَلِكَ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ الزَّوْجِ إنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ؟

قَالَ: ذَلِكَ لَهَا حَقٌّ لَازِمٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِيَدِ الزَّوْجِ، قَالَ: وَلَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ذَكَرَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ بِيَدِ الزَّوْجِ، فَكَشَفْتُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْهُ إلَّا حَقًّا لِلْمَرْأَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأُمِّ سَلَمَةَ، وَقَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» فَأَخْبَرُوكَ فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا لِلنِّسَاءِ لَيْسَ لِلرِّجَالِ وَمِمَّا صَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَيَّرَ أُمَّ سَلَمَةَ، فَهَذَا يَدُلُّكَ أَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا خَيَّرَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْت الثَّيِّبَ كَمْ يَكُونُ لَهَا؟

قَالَ: ثَلَاثٌ.

قُلْتُ: وَهُوَ لَهَا مِثْلَ مَا وَصَفْتَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. سَحْنُونٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: «لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ سَلَمَةَ بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدُورَ فَأَخَذَتْ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ مَا شِئْتِ، إنْ شِئْتِ زِدْتُكِ ثُمَّ قَاصَصْتُكَ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ وَسَبْعٌ لِلْبِكْرِ» مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِذَلِكَ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَطَاءٍ وَزَبَّانِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلَهُ وَقَالَ عَطَاءٌ وَزَبَّانُ هِيَ السُّنَّةُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ سَافَرَ بِإِحْدَاهُنَّ فِي ضَيْعَتِهِ وَحَاجَتِهِ أَوْ حَجَّ بِإِحْدَاهُنَّ أَوْ اعْتَمَرَ بِهَا أَوْ غَزَا بِهَا، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى الْأُخْرَى فَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا عَدَدَ الْأَيَّامِ الَّتِي سَافَرَ مَعَ صَاحِبَتِهَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهَا وَلَكِنْ يَبْتَدِئُ الْقَسْمَ بَيْنَهُمَا وَيَلْغِي الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَ فِيهَا مُسَافِرًا مَعَ امْرَأَتِهِ إلَّا فِي الْغَزْوِ، قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يَقُولُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسْهِمُ بَيْنَهُنَّ فَأَخَافُ فِي الْغَزْوِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُنَّ. وَأَمَّا رَأْيِي فَذَلِكَ كُلُّهُ عِنْدِي سَوَاءٌ الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ يَخْرُجُ بِأَيِّهِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>