للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ الْعَرَايَا بِالتَّمْرِ وَبَيْنَ الْمُزَابَنَةِ لِأَنَّ الْمُزَابَنَةَ بَيْعٌ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَأَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا بِالتَّمْرِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَا زِيَادَةَ فِيهِ وَلَا مُكَايَسَةَ وَمِثْلُ ذَلِكَ: الرَّجُلُ يُبَدِّلُ لِلرَّجُلِ الدَّرَاهِمَ بِأَوْزَنَ مَنْ دَرَاهِمِهِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ وَإِنَّمَا وَضَعَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُرْفَقِ لِصَاحِبِ التَّمْرِ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَفِيهِ الْعَرِيَّةُ الْعِذْقُ وَالْعِذْقَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَيُنْزِلُهُ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَطَأَهُ رَبُّ الْعَرِيَّةِ كُلَّمَا أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَيُرِيدُ رَبُّ الثَّمَرِ الَّذِي ابْتَاعَهُ أَنْ يَسُدَّ بَابَهُ وَلَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ فَيَأْتِي رَبُّ الْعَرِيَّةِ فَيَدْخُلُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَعَلَ لَهُ مِنْ عَرِيَّتِهِ فَيُرَخَّصُ لِرَبِّ الثَّمَرِ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْ رَبِّ الْعَرِيَّةِ عَرِيَّتَهُ بِخَرْصِهَا يَضْمَنُهَا لَهُ حَتَّى يُوفِيَهُ إيَّاهَا تَمْرًا لِمَوْضِعِ مِرْفَقِ ذَلِكَ لَهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَالتِّجَارَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ مِنْهُ كُلَّهُ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُجَاوِزَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ وَهْبٍ ذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ حَدَّثُوهُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا» .

وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» شَكَّ دَاوُد لَا يَدْرِي قَالَ: خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ سَحْنُونٌ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَعْرُوفٌ وَأَنَّهَا لَا تَنْزِلُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالْمُكَايَسَةِ وَأَنَّهَا رُخْصَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِرْفَقِ لِمَنْ أُرِيدَ إرْفَاقَهُ وَطَرْحُ الْمَضَرَّةِ عَمَّنْ أُرْفِقَ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ وَاطِئَةِ الرَّجُلِ وَالْأَذَى لِحَائِطِهِ مَا ذَكَرَ ابْنُ لَهِيعَةَ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ يَأْخُذُ بِبَعْضِهِ. وَلَكِنْ يَزْعُمُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ، وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْعَرَايَا فَقَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُطْعِمُ أَخَاهُ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَ نَخَلَاتٍ «فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَخِّصُ لِلَّذِي أَطْعَمَهُنَّ أَنْ يَبِيعَهُنَّ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُنَّ» فَقَدْ جَوَّزَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْعُهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا لِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إتْمَامِ الْمَعْرُوفِ وَطَرْحِ الْمَضَرَّةِ وَالضِّيقِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْعَرِيَّةُ الرَّجُلُ يُعَرِّي الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، أَوْ الرَّجُلُ يَسْتَثْنِي مِنْ مَالِهِ النَّخْلَةَ أَوْ الِاثْنَيْنِ يَأْكُلُهَا فَيَبِيعُهَا بِتَمْرٍ.

[عَرِيَّة النَّخْلِ وَلَيْسَ فِيهَا ثَمَرٌ]

فِي عَرِيَّةِ النَّخْلِ وَلَيْسَ فِيهَا ثَمَرٌ قُلْتُ: فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَ أَوْ الشَّجَرَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا الثَّمَرَةُ وَقَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ فِي الشَّجَرِ شَيْءٌ؟ .

قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>