للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذَا مِمَّنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ.

قُلْتُ: هَلْ يُقَسَّمُ مَجْرَى الْمَاءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يَقُولُ يُقَسَّمُ مَجْرَى مَاءٍ، وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا جَوَّزَهُ، وَمَا أَحْفَظُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يُقَسَّمَ مَجْرَى الْمَاءِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اقْتَسَمُوا أَرْضًا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ، وَبَعْضُهُمْ إذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا يَبْقَى لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى أَرْضِهِ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا، وَلَا أَرَى هَذَا مِنْ قِسْمَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ. وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ مَا يُشْبِهُ هَذَا.

[الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ النَّخْلَةُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أُقْلِعَتْ فَأَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ مَكَانَهَا غَيْرَهَا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ لِي نَخْلَةً فِي أَرْضِ رَجُلٍ قَلَعَهَا الرِّيحُ أَوْ قَلَعْتُهَا أَنَا نَفْسِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَغْرِسَ مَكَانَهَا نَخْلَةً أُخْرَى؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَسَأَلَهُ عَنْهَا أَهْلُ الْمَغْرِبِ فَقَالَ: ذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ مَكَانَهَا زَيْتُونَةً أَوْ جَوْزَةً، أَوْ يَغْرِسَ فِي مَوْضِعِ أَصْلِ تِلْكَ النَّخْلَةِ نَخْلَتَيْنِ أَوْ شَجَرَتَيْنِ مِنْ سِوَى النَّخِيلِ، أَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ فِي مَوْضِعِ نَخْلَتِهِ، مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِثْلُ نَخْلَتِهِ كَائِنًا مَا كَانَ مِنْ الْأَشْجَارِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَصْلِ تِلْكَ النَّخْلَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ مَا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ يَعْظُمُ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ انْتِشَارًا وَأَضَرَّ بِالْأَرْضِ مِنْ نَخْلَتِهِ، وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنَّ هَذَا رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا جَعَلَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَغْرِسَ فِي مَوْضِعِ نَخْلَتِهِ مِثْلَهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَخْلَةً فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَجُدَّهَا، فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لَا أَتْرُكُك تَتَّخِذَ فِي أَرْضِي، طَرِيقًا؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى نَخْلَتِهِ لِيَجُدَّهَا أَوْ لِيُصْلِحَهَا. قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ قَدْ زَرَعَ أَرْضَهُ كُلَّهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَخْرِقَ زَرْعَهُ إلَى نَخْلَتِهِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ؟

قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُمْنَعَ الْمَمَرَّ إلَى نَخْلَتِهِ، وَلَا أَرَى أَنْ يَضُرَّ صَاحِبُ النَّخْلَةِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي الْمَمَرِّ إلَى نَخْلَتِهِ، إنَّ لَهُ أَنْ يَمُرَّ وَيَسْلُكَ إلَى نَخْلَتِهِ هُوَ وَمَنْ يَجُدُّ لَهُ وَيَجْمَعُ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَفَرًا مِنْ النَّاسِ يُفْسِدُونَ عَلَيْهِ زَرْعَهُ فِيمَا يَتَوَاطَئُونَ بِهِ مِنْ الذَّهَابِ إلَى نَخْلَتِهِ وَالرُّجُوعِ. قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْأَرْضُ فِي وَسَطِ أَرْضِ الرَّجُلِ، فَزَرَعَ الرَّجُلُ مَا حَوْلَ أَرْضِ صَاحِبِهِ مِنْ أَرْضِهِ، فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْوُسْطَى أَنْ يَخْرِقَ زَرْعَ هَذَا الرَّجُلِ إلَى أَرْضِهِ بِبَقَرِهِ وَمَاشِيَتِهِ لِيَرْعَى الْخِصْبَ الَّذِي فِي أَرْضِهِ. قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى لَهُ ذَلِكَ، وَأَرَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْ مَضَرَّةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَلَكَ بِمَاشِيَتِهِ فِي زَرْعِ هَذَا إلَى أَرْضِهِ أَفْسَدَ عَلَيْهِ زَرْعَهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى لَهُ أَنْ يَدْخُلَ يَحْتَشَّ خِصْبَ أَرْضِهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>