للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرْيَةٍ مِنْهَا وَأَعْطِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا نَصِيبَهُ مِنْ كُلِّ قَرْيَةٍ. قَالَ: إنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَقَارِبَةً، وَهِيَ فِي رَغْبَةِ النَّاسِ فِيهَا وَنَفَاقِهَا عِنْدَ النَّاسِ سَوَاءٌ، جُمِعَتْ تِلْكَ الْقُرَى كُلُّهَا فِي الْقَسْمِ، فَقُسِّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَبَاعِدَةً مُتَبَايِنَةً مَسِيرَةَ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وَالْيَوْمَيْنِ، وَهِيَ فِي رَغْبَةِ النَّاسِ فِيهَا سَوَاءٌ وَفِي حِرْصِ النَّاسِ عَلَيْهَا وَفِي نَفَاقِهَا عِنْدَ النَّاسِ سَوَاءٌ؟

قَالَ: أَرَى أَنْ تُقَسَّمَ كُلُّ قَرْيَةٍ عَلَى حِدَةٍ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الدُّورِ الَّتِي أَخْبَرْتُكَ.

[قِسْمَةُ الدُّورِ بَيْنَ نَاسٍ شَتَّى]

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ شَتَّى فَأَرَادُوا أَنْ يَقْتَسِمُوا الدُّورَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمْ حَظِّي فِي كُلِّ دَارٍ مِنْ الْقَرْيَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ اجْمَعْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ؟

قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ سَوَاءً فِي نَفَاقِهَا عِنْدَ النَّاسِ وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيهَا وَفِي مَوْضِعِهَا، قُسِّمَتْ وَجُمِعَ لِكُلِّ إنْسَانٍ حَظُّهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ مُتَفَاوِتَةً مُخْتَلِفًا نَفَاقُهَا عِنْدَ النَّاسِ وَمَوْضِعُهَا كَذَلِكَ، فَلَمْ يُجْمَعْ لِكُلِّ إنْسَانٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُ الْقَاسِمُ كُلَّ دَارٍ مِنْهَا إذَا كَانَتْ صِفَتُهَا وَاحِدَةً فِي رَغْبَةِ النَّاسِ وَنَفَاقِهَا وَمَوْضِعِهَا، فَتُقْسَمُ هَذِهِ كُلُّهَا قَسْمًا وَاحِدًا وَيُنْظَرُ إلَى مَا اخْتَلَفَ مِنْ الدُّورِ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى حِدَةٍ، فَيُعْطَى كُلُّ إنْسَانٍ حَظَّهُ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ، وَإِنْ اتَّفَقَتْ دَارَانِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ جَمَعَهُمَا فِي الْقَسْمِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

[فِي قِسْمَةِ قَرْيَةٍ فِيهَا دُورٌ وَشَجَرٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ وَرِثْت أَنَا وَأَخٌ لِي قَرْيَةً مَنْ الْقُرَى فِيهَا دُورٌ وَشَجَرٌ وَأَرْضٌ بَيْضَاءُ فَأَرَدْنَا أَنْ نُقَسِّمَ، كَيْفَ نُقَسِّمُ ذَلِكَ بَيْنَنَا؟

قَالَ: أَمَّا دُورُ الْقَرْيَةِ فَتُقَسَّمُ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ فِي قِسْمَةِ الدُّورِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ فَتُقَسَّمُ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي قَسْمِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ.

قُلْتُ: وَكَيْفَ وَصَفْتَ لِي فِي قِسْمَةِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ؟

قَالَ: يُنْظَرُ إلَى مَا كَانَ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْكَرْمِ وَالنَّفَاقِ عِنْدَ النَّاسِ وَتَقَارُبِ مَوْضِعِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، جُمِعَ لَهُ هَذَا كُلُّهُ فَيُجْعَلُ نَصِيبُ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَرْضُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا أُعْطِيَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ فِي كُلِّ أَرْضٍ عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا مِثْلُ الدُّورِ وَالنَّخْلِ.

قَالَ: وَمَا حَدُّ قُرْبِ الْأَرْضِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ؟

قَالَ: لَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ فِيهِ حَدًّا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى الْمِيلَ وَمَا أَشْبَهَهُ قَرِيبًا فِي الْحَوَائِطِ وَالْأَرَضِينَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الشَّجَرَ الَّتِي هِيَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخَوَيْنِ، كَيْفَ يَقْسِمُهَا مَالِكٌ بَيْنَهُمَا وَهِيَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>