إذَا أَصَابَ بِهِمَا عَيْبًا لِأَنَّ الَّذِي رَضِيَ بِهِ مَنْ دَفَعَ دَرَاهِمَهُ لِمَوْضِعِ صِيَاغَةِ الْخَلْخَالَيْنِ وَلَكِنَّهُ جَازَ فِي الْبَيْعِ حِينَ أَخَذَهُمَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَمْ يَنْظُرْ فِي صِيَاغَةِ الْحُلِيِّ وَلَا فِي عُيُونِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زِيَادَةٌ لِمَوْضِعِ الصِّيَاغَةِ فِي الْحُلِيِّ أَوْ السِّكَّةِ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مَا جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ تِبْرًا مَكْسُورًا بِدَنَانِيرَ مَضْرُوبَةٍ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاءِ وَالْمُكَايَسَةِ كَيْلًا بِكَيْلٍ وَلَا جَازَ حُلِيٌّ مَصُوغٌ بِتِبْرٍ مَكْسُورٍ بِوَزْنِهِ وَلَا بِالدَّرَاهِمِ بِوَزْنِهَا وَلَا بِالدَّنَانِيرِ بِوَزْنِهَا إنْ كَانَ الْحُلِيُّ مِنْ الذَّهَبِ وَلَا يَجُوزُ إذًا قَمْحٌ بِدَقِيقٍ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ النَّاسِ أَنَّ الْقَمْحَ يَزِيدُ وَإِنَّمَا يُعْطِي مُعْطِي الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ لِمَكَانِ مَا كَفَاهُ وَلِمَنْفَعَتِهِ بِالدَّقِيقِ فَلَوْ وَجَدَ بِالْقَمْحِ عَيْبًا أَوْ بِالدَّقِيقِ عَيْبًا لَرَدَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَكَذَلِكَ الْحُلِيُّ إذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَدَّهُ قُلْت: فَمَا بَالُ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَصَبْت بِهَا عَيْبًا لَا يَجُوزُ لِعَيْبِهَا؟ لَمْ تَجْعَلْ لِمُشْتَرِيهَا أَنْ يَرُدَّهَا؟
قَالَ: لِأَنَّ الْقَمْحَ إذَا كَانَ مَعِيبًا لَمْ يَكُنْ دَقِيقُهُ كَدَقِيقِ الصَّحِيحِ، وَلِأَنَّ الْحُلِيَّ إذَا كَانَ مَعِيبًا لَمْ يَكُنْ تِبْرُهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ.
وَإِنَّ الدَّنَانِيرَ الَّتِي وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَغْشُوشَةً كَانَ تِبْرُهُ مِثْلَ التِّبْرِ الَّذِي أَعْطَى أَوْ أَفْضَلَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ خَلْخَالَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِتِبْرٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَوَجَدَ فِي الْخَلْخَالَيْنِ عَيْبًا فَرَدَّهُمَا مِنْهُ وَكَانَ ذَهَبُهُمَا أَوْ فِضَّتُهُمَا مُسْتَوِيَتَيْنِ أَوْ كَانَ الْخَلْخَالَانِ أَجْوَدَ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ الَّتِي دَفَعَ فِيهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ إنْ قَالَ: أَنَا أُرِيدُ تِبْرِي يُقَالُ لَهُ: مَا فِي يَدَيْك مِثْلُ تِبْرِك أَوْ أَفْضَلُ فَلَا حُجَّةَ لَك فِيمَا تُرِيدُ وَإِنَّمَا يُرَدُّ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبُ فِي الْحُلِيِّ وَإِنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي بَاعَهَا بِهِ مِثْلَهُ أَوْ أَجْوَدَ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ دَنَانِيرَهُ أَوْ دَرَاهِمَهُ لِمَكَانِ صِيَاغَةِ هَذَا، وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ جَوَّزَهُ النَّاسُ وَأَجَازَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَلَمْ يَرَوْهُ زِيَادَةً فِي الصِّيَاغَةِ وَلَا فِي صَرْفِ الدَّنَانِيرِ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْعُيُوبُ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الرَّدِّ وَعَلَى هَذَا مَحْمَلُ جَمِيعِ مَا يُشْبِهُ هَذِهِ الْوُجُوهُ
[الْمُرَاطَلَةِ]
فِي الْمُرَاطَلَةِ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنِّي صَارَفْتُ رَجُلًا دَنَانِيرَ سِكِّيَّةً مَضْرُوبَةً ذَهَبًا أَصْفَرَ بِذَهَبٍ تِبْرٍ مَكْسُورٍ إبْرِيزٍ أَحْمَرَ وَزْنًا بِوَزْنٍ؟ .
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قُلْت: فَلَوْ كَانَتْ دَنَانِيرِي ذَهَبًا أَصْفَرَ كُلُّهَا سِكِّيَّةٌ مَضْرُوبَةٌ فَبِعْتهَا مِنْهُ بِذَهَبٍ تِبْرٍ إبْرِيزٍ أَحْمَرَ وَمَعَهَا دَنَانِيرُ ذَهَبٍ أَصْفَرَ سِكِّيَّةٌ مَضْرُوبَةٌ نِصْفُهَا تِبْرٌ وَنِصْفُهَا سِكِّيَّةٌ مِثْلُ سِكَّةِ الدَّنَانِيرِ الْأُخْرَى قَالَ: إذَا كَانَتْ السِّكَّتَانِ نِفَاقُهُمَا عِنْدَ النَّاسِ وَاحِدٌ الَّتِي مَعَ الْإِبْرِيزِ التِّبْرِ وَاَلَّتِي لَيْسَ مَعَهَا شَيْءٌ فَهُوَ جَائِزٌ كَانَ التِّبْرُ أَرْفَعَ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ دُونَ الدَّنَانِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute