للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسَاءَتَكُمْ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ، وَإِنْ أَشَارَ أَحَدُكُمْ مِنْكُمْ إلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ هَلُمَّ أَنَا أُقَاتِلُك، فَجَاءَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَفْهَمْ مَا قِيلَ لَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ حَتَّى تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فِيكُمْ، وَإِذَا أَقْبَلَ الرَّجُلُ إلَيْكُمْ مِنْهُمْ مُطَمْئِنًا فَأَخَذْتُمُوهُ فَلَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إنْ كُنْتُمْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ جَاءَكُمْ مُتَعَمِّدًا، فَإِنْ شَكَكْتُمْ فِيهِ وَظَنَنْتُمْ أَنَّهُ جَاءَكُمْ وَلَمْ تَسْتَيْقِنُوا ذَلِكَ فَلَا تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، وَإِنْ وَجَدْتُمْ فِي عَسْكَرِكُمْ أَحَدًا لَمْ يُعْلِمْكُمْ بِنَفْسِهِ حَتَّى قَدَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَمَانٌ وَلَا ذِمَّةٌ فَاحْكُمُوا عَلَيْهِ بِمَا تَرَوْنَ أَنَّهُ أَفْضَلُ لِلْمُسْلِمِينَ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي النَّصْرَانِيِّ يَغْزُو مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَيُعْطِي لِرَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمَانًا، قَالَا: لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَمَانُ مُشْرِكٍ وَيُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ.

[فِي تَكْبِيرِ الْمُرَابِطَةِ عَلَى الْبَحْرِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ التَّكْبِيرَ الَّذِي يُكَبِّرُهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرَابِطُونَ عَلَى الْبَحْرِ أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ؟

قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: لَا بَأْسَ بِهِ

قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْقَوْمِ يَكُونُونَ فِي الْحَرَسِ فِي الرِّبَاطِ فَيُكَبِّرُونَ بِاللَّيْلِ وَيَطْرَبُونَ وَيَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ، فَقَالَ: أَمَّا التَّطْرِيبُ فَلَا أَدْرِي وَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: أَمَّا التَّكْبِيرُ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا.

[الدِّيوَانُ]

قُلْتُ أَرَأَيْتَ الدِّيوَانَ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟ قَالَ: أَمَّا مِثْلُ دِيوَانِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمِثْلُ دَوَاوِينِ الْعَرَبِ، فَلَمْ يَرَ مَالِكٌ بِهِ بَأْسًا وَهُوَ الَّذِي سَأَلْنَاهُ عَنْهُ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ فِي اسْمٍ فِي الْعَطَاءِ مَكْتُوبٍ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مَالًا عَلَى أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الِاسْمِ إلَى صَاحِبِهِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ زِيدَ فِي عَطَائِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ بِعَرْضٍ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الَّذِي أَعْطَى الدَّرَاهِمَ قَدْ أَخَذَ غَيْرَ اسْمِهِ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِي الدَّرَاهِمَ هُوَ صَاحِبُ الِاسْمِ، فَقَدْ بَاعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ شَيْئًا لَا يَجِبُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ هُوَ صَاحِبُ الِاسْمِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ أَقَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا بِقَلِيلٍ، فَلَا يَدْرِي مَا تَبْلُغُ حَيَاةُ صَاحِبِهِ فَهَذَا الْغَرَرُ لَا يَجُوزُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ سَمِعْت أَبَا عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: أَوْقَفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْبَلَدَ وَخَرَاجَ الْأَرْضِ لِلْمُجَاهِدِينَ، فَفَرَضَ مِنْهُ لِلْمُقَاتِلَةِ وَالْعِيَالِ وَالذُّرِّيَّةِ فَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً لِمَنْ بَعْدَهُ، فَمَنْ افْتَرَضَ فِيهِ وَنِيَّتُهُ الْجِهَادُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

قَالَ سَحْنُونٌ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَحَدَّثَنَا أَيْضًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>