قَبْلَ الْعَشْرِ وَبَعْضَ صِيَامِهِمْ بَعْدَ الْعَشْرِ، وَيُجْزِئُهُمْ أَنْ يَصُومُوا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ الْأَوَّلِ؟
قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكُلُّ شَيْءٍ صَنَعَهُ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ تَرْكِ الْمِيقَاتِ أَوْ جَامَعَ فِيهَا، أَوْ مَا أَوْجَبَ بِهِ مَالِكٌ عَلَيْهِ الدَّمَ فِي الْحَجِّ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا، فَعَلَيْهِ إذَا فَعَلَهُ فِي الْعُمْرَةِ الدَّمُ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ الدَّمَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً بَعْدَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَإِنْ وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ لَمْ يَجْزِهِ الصِّيَامُ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَلَا يُجْزِئُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْهَدْيِ الَّذِي ذَكَرْت لَك مِنْ الْجِمَاعِ وَمَا أَشْبَهَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِمَّا جَعَلْته مِثْلَ دَمِ الْمُتْعَةِ الطَّعَامِ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا يُجْزِئُهُ الطَّعَامُ.
قُلْت: وَلَيْسَ الطَّعَامُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا فِيمَا ذَكَرْت لِي وَوَصَفْته لِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: فَأَيْنَ مَوْضِعُ الطَّعَامِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، صِفْهُ لِي فِي أَيِّ الْمَوَاضِعِ يَجُوزُ لَهُ الطَّعَامُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ الطَّعَامُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إلَّا فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَجَزَاءِ الصَّيْدِ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ الطَّعَامُ إلَّا فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ. قُلْت: هَلْ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَرَكَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ الْمُحْرِمُ هَدْيٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا الْهَدْيُ وَحْدَهُ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ طَعَامٌ وَلَا صِيَامٌ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ الْهَدْيُ لَا يَجِدُهُ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ فَالصِّيَامُ يُجْزِئُ مَوْضِعَ هَذَا الْهَدْيِ، وَمَا كَانَ يَكُونُ مَوْضِعَ الْهَدْيِ صِيَامٌ أَوْ طَعَامٌ فَقَدْ فَسَّرْته لَك مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
[هَدْيُ التَّطَوُّعِ يَعْطَبُ قَبْلَ مَحَلِّهِ مَا يُصْنَعُ بِهِ]
قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت هَدْيَ التَّطَوُّعِ إذَا عَطِبَ كَيْفَ يَصْنَعُ بِهِ صَاحِبُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَرْمِي بِقَلَائِدِهَا فِي دَمِهَا إذَا نَحَرَهَا وَيُخَلِّي بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا وَلَا يَأْمُرُ أَحَدًا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا لَا فَقِيرًا وَلَا غَنِيًّا، فَإِنْ أَكَلَ أَوْ أَمَرَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يَأْكُلُهَا أَوْ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا كَانَ عَلَيْهِ الْبَدَلُ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَمَا يَصْنَعُ بِخَطْمِهَا وَبِجِلَالِهَا؟
قَالَ: يَرْمِي بِهِ عِنْدَهَا وَيَصِيرُ سَبِيلُ الْجَلَالِ وَالْخَطْمِ سَبِيلَ لَحْمِهَا، قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ رَبُّهَا لَيْسَ مَعَهَا وَلَكِنَّهُ بَعَثَهَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ أَيَأْكُلُ مِنْهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا الَّذِي بُعِثَتْ مَعَهُ كَمَا يَأْكُلُ النَّاسُ؟
قَالَ: سَبِيلُ هَذَا الْمَبْعُوثَةِ مَعَهُ سَبِيلُ صَاحِبِهَا، أَلَّا يَأْكُلَ مِنْهَا كَمَا تَأْكُلُ النَّاسُ، إلَّا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْحَرُهَا أَوْ يَأْمُرُ بِنَحْرِهَا وَيَفْعَلُ بِهَا كَمَا يَفْعَلُ بِهَا رَبُّهَا أَنْ لَوْ كَانَ مَعَهَا وَإِنْ أَكَلَ لَمْ أَرَ عَلَيْهِ ضَمَانًا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَأْمُرُ رَبُّهَا هَذَا الْمَبْعُوثَةَ مَعَهُ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ إنْ هِيَ عَطِبَتْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، فَإِنْ فَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى أَنَّ صَاحِبَ الْهَدْيِ حِين جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنْهَا؟ فَقَالَ: «انْحَرْهَا وَأَلْقِ قَلَائِدَهَا فِي دَمِهَا وَخَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهَا» . قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت كُلَّ هَدْيٍ وَجَبَ عَلَيَّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِ