للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِصَاحِبِهِ فَلَا بَأْسَ بِهَذَا فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا عَلَى مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا أَنْ يَشْتَرِيَهَا مَنْ أَعْرَاهَا مِمَّنْ اشْتَرَاهَا لَكَانَ مَكْرُوهًا لِمَنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا أَعْرَاهَا بَائِعُهُ، فَهَذَا يَدُلُّكَ وَهَذَا أَشَدُّ الْكَرَاهِيَةِ، وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ كِبَارِ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إنَّ الْعَرِيَّةَ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِمَنْ أَعْرَاهَا إلَّا لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَضَرَّةِ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فِي حَائِطِهِ فَصَارَ مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ الْمَعْرُوفِ مَضَرَّةً تَدْخُلُ عَلَيْهِ فَأُرْخِصَ لَهُ فِي نَفْيِ الْمَضَرَّةِ وَإِلْقَائِهَا، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ النَّخْلَةَ تَكُونُ فِي حَائِطِهِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ مِلْكِهَا لَيْسَ عَلَى عَرِيَّةٍ تُشْبِهُ ذَلِكَ لِمَا يُخَافُ مِنْ إدْخَالِ الْمَضَرَّةِ عَلَى صَاحِبِ الْعَرِيَّةِ فَلِذَلِكَ جَوَّزَ أَمْرَ صَاحِبِ النَّخْلَةِ وَخَفَّفَ وَلَيْسَ يَحْمِلُهُ قِيَاسٌ وَلَكِنَّهُ مَوْضِعُ تَخْفِيفٍ.

[الْعَرِيَّة تُبَاعُ بِغَيْرِ صِنْفِهَا مِنْ التَّمْرِ أَوْ الْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ]

فِي الْعَرِيَّةِ تُبَاعُ بِغَيْرِ صِنْفِهَا مِنْ التَّمْرِ أَوْ الْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْرَانِي نَخْلًا لَهُ صَيْحَانِيًّا فَأَرَادَ شِرَاءَهُ بِتَمْرٍ بَرْنِيِّ إلَى الْجَدَادِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا بِصِنْفِهِ وَإِلَّا دَخَلَهُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ إلَى أَجَلٍ وَدَخَلَتْهُ الْمُزَابَنَةُ وَخَرَجَ مِنْ حَدِّ الْمَعْرُوفِ الَّذِي سَهُلَ بَيْعُهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ التَّوْلِيَةَ فِي الطَّعَامِ إنْ تَأَخَّرَ أَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَحَالَ عَنْ مَوْضِعِ رُخْصَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَارَ بَيْعًا يَحِلُّهُ مَا يَحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ.

قُلْتُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُشْتَرَى الْعَرَايَا بِالرُّطَبِ وَلَا بِالْبُسْرِ؟

قَالَ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ.

[الْمُعْرِي يَشْتَرِي بَعْضَ عَرِيَّتِهِ]

فِي الْمُعْرِي يَشْتَرِي بَعْضَ عَرِيَّتِهِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى بَعْضَ الْعَرِيَّةِ وَتَرَكَ بَعْضَهَا وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرُ أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ .

قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَدْنَى.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ حَسَنًا لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَسْكَنَ رَجُلًا دَارِهِ لَمْ يَكُنْ بَأْسٌ أَنْ يَشْتَرِيَ مِمَّنْ أَسْكَنَ بَعْضَ سُكْنَاهُ وَيَتْرُكَ بَعْضَهُ، فَهَذَا عِنْدِي مِثْلُ الْعَرِيَّةِ وَلَمْ أَسْمَعْ الْعَرِيَّةَ مِنْ مَالِكٍ إلَّا أَنِّي سَمِعْتُ السُّكْنَى مِنْ مَالِكٍ، وَالْعَرِيَّةُ عَلَى هَذَا وَاسْتَحْسَنَهُ عَلَى مَا بَلَغَنِي ابْنُ وَهْبٍ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُجَاوِزَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ كُلِّ رَجُلٍ أَعْرَى وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ قَدْ أَعْرَاهُ مَا يَكُونُ خَرْصُ ثَمَرَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَلَا يُعْطَاهَا كُلَّهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا قَدْ أَعْرَى نَاسًا شَتَّى فَيَأْخُذَ مِنْ هَذَا خَرْصَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَمِنْ هَذَا خَرْصَ وَسْقَيْنِ فَيَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>