للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَصَابَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِهِ الْهَدْيُ عَمْدًا أَوْ الْفِدْيَةُ عَمْدًا، فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَنْ يَفْتَدِيَ بِالنُّسُكِ وَبِالصَّدَقَةِ، وَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِهِ فِي عَمَلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِهِ فِي عَمَلِهِ لَمْ أَرَ أَنْ يَمْنَعَ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ: أَنَّ الْعَبْدَ إذَا ظَاهَرَ مَنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَى امْرَأَتِهِ سَبِيلٌ حَتَّى يُكَفِّرَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصُومَ إلَّا بِرِضَا سَيِّدِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِهِ فِي عَمَلِهِ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ الظِّهَارَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى سَيِّدِهِ مَا يَضُرُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ الصِّيَامَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِهِ فِي عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الظِّهَارِ مِثْلَ الَّذِي قُلْت لَك.

قُلْت: فَاَلَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا أَوْ وَطِئَ النِّسَاءَ أَوْ صَنَعَ فِي حَجِّهِ مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الدَّمَ أَوْ الْإِطْعَامَ أَوْ الصِّيَامَ، إنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الظِّهَارِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْت إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ فِي الْإِحْرَامِ، أَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيَحِلَّهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَحِلَّهُ بَعْدَمَا أَذِنَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ كَبُرَ فَيَئِسَ أَنْ يَبْلُغَ مَكَّةَ لِكِبَرِهِ وَضَعْفِهِ، أَلَهُ أَنْ يَحُجَّ أَحَدًا عَنْ نَفْسِهِ ضَرُورَةً كَانَ هَذَا الشَّيْخُ أَوْ غَيْرَ ضَرُورَةٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّهُ وَلَا أَرَى أَنْ يَفْعَلَ.

[بَابٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ]

ِّ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ مَاتَ وَهُوَ صَرُورَةٌ فَلَمْ يُوصِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ، أَيَحُجُّ عَنْهُ أَحَدٌ يَتَطَوَّعُ بِذَلِكَ عَنْهُ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ النَّاسِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَطَوَّعُ عَنْهُ بِغَيْرِ هَذَا يُهْدِي عَنْهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ أَوْ يَعْتِقُ عَنْهُ.

قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ صَرُورَةٌ أَحَبُّ إلَيْك أَنْ يَحُجَّ عَنْ هَذَا الْمَيِّتِ أَمْ قَدْ حَجَّ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَوْصَى بِذَلِكَ أُنْفِذَ ذَلِكَ وَيَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ أَحَبُّ إلَيَّ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأُحِبُّ لَهُ إذَا أَوْصَى أَنْ يَنْفُذَ مَا أَوْصَى بِهِ، وَلَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ إلَّا مَنْ قَدْ حَجَّ وَكَذَلِكَ سَمِعْت أَنَا مِنْهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ جَهِلُوا فَاسْتَأْجَرُوا مَنْ لَمْ يَحُجَّ أَجْزَأَ عَنْهُ.

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى هَذَا الْمَيِّتُ فَقَالَ يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ بِثُلُثِي، وَفُلَانٌ ذَلِكَ وَارِثٌ أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ وَارِثًا دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرَ كَرَائِهِ وَنَفَقَتِهِ وَرَدَّ مَا بَقِيَ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ دَفَعَ الثُّلُثَ إلَيْهِ فَحَجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْ الْمَالِ عَنْ الْحَجِّ شَيْءٌ فَهُوَ لَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ، قُلْت: لِمَ جَعَلَ مَالِكٌ لِهَذَا الرَّجُلِ مَا فَضَلَ عَنْ الْحَجِّ؟

قَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُدْفَعُ إلَيْهِ النَّفَقَةُ لِيَحُجَّ عَنْ الرَّجُلِ فَيَفْضُلُ عَنْ حَجِّهِ مِنْ النَّفَقَةِ فَضْلٌ لِمَنْ تَرَاهُ؟

قَالَ مَالِك: إنْ اسْتَأْجَرَهُ اسْتِئْجَارًا. فَلَهُ مَا فَضَلَ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَى عَلَى الْبَلَاغِ رَدَّ مَا فَضَلَ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَسِّرْ لِي مَا الْإِجَارَةُ وَمَا الْبَلَاغُ؟ فَقَالَ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْ فُلَانٍ فَهَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>