فَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا أَعَانَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ مَعَهُ، وَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ مَعَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ رِضَاهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا وَيُغَيِّبْ عَلَيْهَا وَيُقَلِّبْهَا، فَلَيْسَ رِضَاهُ بِاَلَّذِي يُضَمِّنُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ بِالرِّضَا رِبْحُ مَا لَمْ يَعْمَلْ، وَلَا إجَارَةُ مَا لَمْ يَعْمَلْ إلَّا مِنْ وَجْهِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِلرَّجُلِ: لَكَ نِصْفُ مَا أَرْبَحُ فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ، فَطَلَعَ فِيهَا رِبْحٌ، فَلَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ فَيَأْخُذَهُ، مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ يُفْلِسْ أَوْ يَذْهَبْ.
[أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يُشَارِكُ رَجُلًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ شَرِيكَيْنِ مُتَفَاوِضَيْنِ، شَارَكَ أَحَدُهُمَا شَرِيكًا آخَرَ فَاوَضَهُ بِمَالٍ بِغَيْرِ أَمْرِ شَرِيكِهِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى شَرِيكِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ: إنْ كَانَ إنَّمَا يُشَارِكُهُ شَرِكَةً لَيْسَتْ بِشَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ، مِثْلُ السِّلْعَةِ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ تِجَارَةٌ مِنْ التِّجَارَاتِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يُشَارِكُهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، حَتَّى يَكُونَ شَرِيكًا لَهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَتِجَارَاتِهِمْ يَقْضِي فِي ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُقَارِضَ أَحَدَهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَا تَفَاوَضَا كَمَا وَصَفْتُ لَكَ، قَدْ فَوَّضَ هَذَا إلَى هَذَا وَهَذَا إلَى هَذَا يَعْمَلُ بِاَلَّذِي يَرَى
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا، أَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ فِي هَذَا الْمَالِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا أَرَى عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ ضَمَانِ هَذِهِ الْمُقَارَضَةِ إنْ تَعَدَّى أَحَدُهُمَا، وَلَا أَرَى لَهُ مِنْ رِبْحِهَا شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهَا مَعَ صَاحِبِهَا، لِأَنَّ الْمُقَارَضَةَ لَيْسَتْ مِنْ التِّجَارَةِ، إنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ آجَرَ نَفْسَهُ فِيهَا، فَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ فِيهَا شَيْءٌ.
[فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يَسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ لِتِجَارَتِهِمَا فَتَتْلَفُ أَيَضْمَنَاهَا جَمِيعًا أَمْ لَا.]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا اسْتَعَارَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ شَيْءٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَنْ تِجَارَتِهِمَا أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَتِهِمَا فَتَلِفَ، أَيَضْمَنَانِهِ جَمِيعًا؟ أَوْ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي اسْتَعَارَ وَحْدَهُ؟ قَالَ: الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي اسْتَعَارَ وَحْدَهُ، وَلَا يَكُونُ عَلَى شَرِيكِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. لِأَنَّ شَرِيكَهُ يَقُولُ: أَنَا لَمْ آمُرْكَ بِالْعَارِيَّةِ، إنَّمَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَسْتَأْجِرَ عَلَيَّ، لِأَنَّكَ إذَا اسْتَأْجَرْتَ لَمْ أَضْمَنْ. فَأَمَّا مَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فِيهِ الضَّرَرُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التِّجَارَةِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَكَ. فَيَكُونُ الْقَوْلُ مَا قَالَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ الرَّجُلَ يَسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِينَارٍ، وَالسَّفِينَةَ قِيمَتُهَا أَيْضًا كَذَلِكَ، وَهُوَ لَوْ تَكَارَاهَا، كَانَ كِرَاؤُهَا دِينَارًا فَهَذَا يُدْخِلُ عَلَى صَاحِبِهِ الضَّرَرَ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِهِ. قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ السَّاعَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute