مَالٌ، فَدِيَتُهُ أَوْلَى بِمَالِهِ، فَإِنْ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ كَانَتْ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ حَتَّى يَسْتَوْفُوا الْجِنَايَةَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ جَنَى جِنَايَةً فَإِنَّ سَيِّدَهُ مُخَيَّرٌ فِيهَا، فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يُخَيَّرَ السَّيِّدُ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ. فَالْوَلَدُ فِي هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ السَّيِّدِ يُخَيَّرُونَ، إنْ كَانَ أَبُوهُمْ حَيًّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى أَدَاءِ الْجِنَايَةِ فِي أَنْ يُؤَدُّوا أَوْ يَعْجِزُوا، فَإِذَا مَاتَ أَبُوهُمْ سَقَطَ عَنْهُمْ مَا كَانَ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ مِنْ الْجِنَايَةِ، كَمَا يَسْقُطُ عَلَى السَّيِّدِ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ جِنَايَتِهِمْ حِينَ مَاتَ الْمُكَاتَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ. وَلَوْ قَامَ بِذَلِكَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ فِي حَيَاةِ الْأَبِ وَاخْتَارُوا الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهُ إنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ عَجَّلَ لَهُ عِتْقَهُ أَوْ أَعْتَقَ رَجُلَ عَبْدِهِ، فَكَتَبَ السَّيِّدُ عَلَيْهِمَا مَالًا يَدْفَعَانِهِ إلَى السَّيِّدِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِمَا، وَعَجَّلَ لَهُمَا الْعِتْقَ وَثَبَتَتْ حُرْمَتُهُمَا، ثُمَّ مَاتَا أَوْ أَفْلَسَا، لَمْ يَدْخُلْ السَّيِّدُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَكَانَ أَهْلُ الدَّيْنِ أَوْلَى بِمَالِهِمْ مِنْ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يَتْبَعُهُ بِثَمَنِ رَقَبَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا فِي يَدَيْ الْعَبْدِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ. وَإِنْ بَقِيَ لَهُ مِنْ مَالِهِ بَقِيَّةٌ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ حِينَ فَلَّسُوهُ، أَخَذَهُ السَّيِّدُ الَّذِي عَجَّلَ لَهُ الْعِتْقَ، وَإِنْ كَانَ مُكَاتَبًا لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى الْعَبْدِ فِيمَا بَقِيَ لَهُ وَكَانَ عَلَى نُجُومِهِ الْأُولَى، وَلَيْسَ يَقْدِرُ السَّيِّدُ أَنْ يُفَلِّسَ مُكَاتَبَهُ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ، فَإِنَّهُ يَقُومُ عِنْدَ مَحَلِّهَا فَيَنْظُرُ فِي حَالِ الْعَبْدِ فِي الْعَجْزِ وَالْأَدَاءِ.
[الْمُكَاتَبَةِ تَجْنِي جِنَايَةً ثُمَّ تَلِدُ وَلَدًا ثُمَّ تَمُوتُ الْأُمُّ]
فِي الْمُكَاتَبَةِ تَجْنِي جِنَايَةً ثُمَّ تَلِدُ وَلَدًا ثُمَّ تَمُوتُ الْأُمُّ
قُلْتُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مُكَاتَبَةٍ جَنَتْ جِنَايَةً ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتَتْ: إنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ. قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمَةِ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَمَاتَتْ الْأُمُّ: إنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي رَقَبَةِ الْأُمِّ فَقَدْ ذَهَبَتْ الْأُمُّ. قَالَ مَالِكٌ: وَالْوَلَدُ لَيْسَ بِمَالٍ لَهَا فَيَتْبَعُهَا فِيهِ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَاتَتْ لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ إلَّا فِي رَقَبَتِهَا، وَلَا يَكُونُ وَلَدُهَا فِي جِنَايَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ، أَخْبَرَنِيهِ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute