ابْنُ شِهَابٍ لَا نَرَى عَلَيْهِ بَأْسًا أَنْ يُمْسِكَ الْأُولَى مِنْهُمَا، فَإِنَّ نِكَاحَهَا كَانَ أَوَّلَ نِكَاحٍ وَلِلَّتِي طَلَّقَ مَهْرُهَا كَامِلًا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا قَالَ يُونُسُ، قَالَ رَبِيعَةُ أَمَّا هُوَ تَكُونُ الْأُولَى بِيَدِهِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَقَدْ فَارَقَ الْآخِرَةَ، وَأَمَّا هُوَ طَلَّقَ الْأُولَى فَالْآخِرَةُ مُفَارَقَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ، وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا جَمِيعًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخِرَةِ وَيَثْبُتُ مَعَ الْأُولَى وَكَذَلِكَ الْعَمَّةُ وَالْخَالَةُ مِمَّا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً بَعْدَ هَلَاكِ الْأُخْرَى أَوْ طَلَاقِهَا.
[الْأُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ]
فِي الْأُخْتَيْنِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ قُلْتُ: أَرَأَيْت الرَّجُلَ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ وَعِنْدَهُ أُخْتُهَا مِلْكُ يَمِينِهِ وَقَدْ كَانَ يَطَؤُهَا، أَيَصْلُحُ لَهُ هَذَا النِّكَاحُ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي لَا يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَّا امْرَأَةً يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا إذَا نَكَحَهَا فَأَرَى هَذِهِ عِنْدِي لَا يَسْتَطِيعُ إذَا تَزَوَّجَهَا أَنْ يَطَأَهَا وَلَا يُقَبِّلُهَا وَلَا يُبَاشِرُهَا حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ أُخْتِهَا فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ امْرَأَةً يُنْهَى عَنْ وَطْئِهَا أَوْ قُبْلَتِهَا لِتَحْرِيمِ أُخْرَى عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ إلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْوَطْءُ، وَلَوْ نَكَحَ لَمْ أُفَرِّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَوَقَفْته عَنْهَا حَتَّى يُحَرِّمَ أَيَّتَهمَا شَاءَ وَلَمْ أَسْمَعْ مَسْأَلَتَكَ هَذِهِ مِنْ مَالِكٍ وَلَكِنَّهُ رَأْيِي.
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ وَهُوَ أَحْسَنُ قَوْلِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْأَصْلَ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَطَأُ أَمَةً لَهُ فَبَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى اسْتَبْرَأَ أُخْتَهَا الَّتِي كَانَ يَطَأُ، أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ عَادَتْ إلَيْهِ الْأَمَةُ الَّتِي كَانَ يَطَأُ أَمْ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ الْأَمَةِ؟
قَالَ: نَعَمْ، لَهُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحَرِّمَ فَرْجَ أَمَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْأُخْتَانِ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيَطَأُ إحْدَاهُمَا، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَطَأُ الْأُخْرَى حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ فَرْجُ الَّتِي وَطِئَ، فَإِنْ هُوَ بَاعَ الَّتِي وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَ الَّتِي عِنْدَهُ ثُمَّ اشْتَرَى الَّتِي بَاعَ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ عَلَى الَّتِي وَطِئَ؛ لِأَنَّهُ حِينَ بَاعَ الَّتِي كَانَ وَطِئَهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَطَأَ أُخْتَهَا فَلَمَّا وَطِئَ أُخْتَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا اشْتَرَاهَا وَاَلَّتِي عِنْدَهُ حَلَالٌ لَهُ فَلَا يَضُرُّهُ شِرَاءُ أُخْتِهَا فِي وَطْءِ الَّتِي عِنْدَهُ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّ هَذَا حِينَ بَاعَ أُخْتَهَا وَطِئَ هَذِهِ الَّتِي بَقِيَتْ فِي مِلْكِهِ وَلَيْسَ هَكَذَا مَسْأَلَتِي إنَّمَا مَسْأَلَتِي أَنَّهُ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتِهَا الَّتِي بَاعَهَا فَلَمْ يَطَأْ أُخْتَهَا الَّتِي نَكَحَ حَتَّى اشْتَرَى أُخْتَهَا الَّتِي كَانَ يَطَأُ، وَقَوْلُ مَالِكٍ إنَّهُ وَطِئَ الَّتِي كَانَتْ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ بَيْعِ الْأُخْرَى.
قَالَ: الْوَطْءُ هَهُنَا وَالْعَقْدُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ وَقَعَ بِالْبَيْعِ.
قُلْتُ: أَوْقَع التَّحْرِيمَ بِالْبَيْعِ