[فِي الْوَصِيَّةِ إلَى الْعَبْدِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْ مُكَاتَبِ نَفْسِهِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ أَكَابِرُ وَأَصَاغِرُ فَقَالُوا نَحْنُ نَبِيعَ الْعَبْدَ وَنَأْخُذُ حَقَّنَا؟
قَالَ: يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ حُظُوظِ الْكِبَارِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لِلْأَصَاغِرِ مَالٌ يَحْمِلُ أَنْ يُؤْخَذَ لَهُمْ الْعَبْدُ فَيَكُونَ الْعَبْدُ وَصِيًّا لَهُمْ الْقَائِمَ لَهُمْ أُخِذَ الْعَبْدُ لَهُمْ وَأَعْطَوْا الْأَكَابِرَ قَدْرَ حُظُوظِهِمْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ مَا يَحْمِلُ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالْأَصَاغِرِ، بَاعَ الْأَكَابِرُ نَصِيبَهُمْ وَتُرِكَ حَظُّ الْأَصَاغِرِ فِي الْعَبْدِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعِ الْأَكَابِرِ أَنْصِبَاءَهُمْ عَلَى الْأَصَاغِرِ ضَرَرٌ فِي بَيْعِهِمْ هَذَا الْعَبْدَ، وَيَدْعُونَ إلَى الْبَيْعِ فَيَلْزَمُ الْأَصَاغِرَ الْبَيْعُ مَعَ إخْوَتِهِمْ الْأَكَابِرِ.
[فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ عَقَارًا لِيَتَامَى وَعَبْدَهُمْ الَّذِي قَدْ أَحْسَنَ الْقِيَامَ عَلَيْهِمْ]
ْ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ، هَلْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَقَارَ الْيَتَامَى؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لِهَذَا وُجُوهٌ: أَمَّا الدَّارُ الَّتِي لَا يَكُونُ فِي غَلَّتِهَا مَا يَحْمِلُهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ مَالٌ يُنْفَقُ عَلَيْهِمْ مِنْهُ فَتُبَاعُ، وَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، أَوْ يُرْغَبُ فِيهَا فَيُعْطَى الثَّمَنَ الَّذِي يَرَى أَنَّ ذَلِكَ غِبْطَةٌ لَهُ، مِثْلُ الْمَلِكِ يُجَاوِرُهُ فَيَحْتَاجُ إلَيْهَا فَيُثَمِّنُهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا. وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا أَرَى ذَلِكَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي عَبْدٍ لِلْيَتَامَى قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْهِمْ الْقِيَامَ وَأَحَاطَ عَلَيْهِمْ فَأَرَادَ الْوَصِيُّ بَيْعَهُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ إذَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ.
[الْوَصِيِّ يَشْتَرِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ]
ِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ: أَتَى إلَى مَالِكٍ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَسَأَلَهُ عَنْ حِمَارَيْنِ مِنْ حُمُرِ الْأَعْرَابِ هَلَكَ صَاحِبُهُمَا وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ مَنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَتَسَوَّقَ الْوَصِيُّ بِهِمَا فِي الْبَادِيَةِ وَقَدِمَ بِهِمَا الْمَدِينَةَ فَلَمْ يُعْطَ بِهِمَا إلَّا ثَمَنًا يَسِيرًا نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ، فَأَتَى إلَى مَالِكٍ فَاسْتَشَارَهُ فِي أَخْذِهِمَا لِنَفْسِهِ وَقَالَ: قَدْ تَسَوَّقْتُ بِهِمَا فِي الْمَدِينَةِ وَالْبَادِيَةِ فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آخُذَهُمَا بِمَا أَعْطَيْتُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَكَأَنَّهُ خَفَّفَهُ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَلِأَنَّهُ تَافِهٌ وَقَدْ اجْتَهَدَ الْوَصِيُّ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيهِ: لَا يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَلَا يَشْتَرِي لَهُ وَكِيلٌ لَهُ وَلَا يَدُسُّ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ، وَلَكِنَّ مَالِكًا وَسَّعَ لِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِأَنَّهُ تَافِهٌ يَسِيرٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَصِيَّ إذَا ابْتَاعَ عَبْدًا لِنَفْسِهِ مِنْ الْيَتَامَى أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ إنْكَارًا شَدِيدًا.