[الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ]
مَا جَاءَ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ دَابَّةً أُشَيِّعُ عَلَيْهَا رَجُلًا وَلَمْ أُسَمِّ مَوْضِعًا مِنْ الْمَوَاضِعِ؟ قَالَ: الْكِرَاءُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ تُسَمِّيَ مَوْضِعًا مَعْرُوفًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ كَانَ ذَلِكَ التَّشْيِيعُ أَمْرًا قَدْ عُرِفَ بِالْبَلَدِ كَيْفَ هُوَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ دَابَّتَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَاحِدَةٌ إلَى بَرْقَةَ وَالْأُخْرَى إلَى إفْرِيقِيَّةَ وَلَمْ أُسَمِّ الَّتِي إلَى إفْرِيقِيَّةَ وَلَا الَّتِي إلَى بَرْقَةَ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْكِرَاءُ حَتَّى تُسَمِّيَ الَّتِي إلَى بَرْقَةَ وَاَلَّتِي إلَى إفْرِيقِيَّةَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى إنْ أَدْخَلَنِي مَكَّةَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَإِنْ أَدْخَلَنِي فِي أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا الْكِرَاءُ فَاسِدٌ، إنْ أَدْرَكَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ فُسِخَ هَذَا الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ رَكِبَ يُرِيدُ سَفَرَهُ كُلَّهُ أُعْطِيَ كِرَاءً مِثْلَهُ عَلَى سُرْعَةِ السَّيْرِ وَإِبْطَائِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ اكْتَرَى كِرَاءً فَاسِدًا فَاسْتَوْفَى الرُّكُوبَ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: يَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الرُّكُوبِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ دَابَّةً إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ وَلَمْ أُسَمِّ مَا أَحْمِلُ عَلَيْهَا أَيَكُونُ الْكِرَاءُ فَاسِدًا أَمْ يَكُونُ الْكِرَاءُ جَائِزًا وَأَحْمِلُ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا يُحْمَلُ عَلَى مِثْلِهَا؟
قَالَ: الْكِرَاءُ فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونُوا قَوْمًا عَرَفُوا مَا يَحْمِلُونَ، فَإِذَا كَانُوا قَدْ عَرَفُوا الْحُمُولَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَهُمْ لَازِمٌ عَلَى مَا قَدْ عَرَفُوا مِنْ الْحُمُولَةِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا كَانَ قَدْ سَمَّى طَعَامًا أَوْ بَزًّا أَوْ عِطْرًا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ مَا تَحْمِلُ تِلْكَ الدَّابَّةُ، وَإِنْ قَالَ: أَحْمِلُ عَلَيْهَا قَدْرَ حِمْلِ مِثْلِهَا مِمَّا شِئْتَ مِمَّا تَحْمِلُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْحُمُولَةِ مَا هُوَ أَضَرُّ بِالدَّابَّةِ وَأَعْطَبُ لِظُهُورِهَا، وَمِنْهَا مَا لَا يَضُرُّ.
فَإِنْ اخْتَلَفَتْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ وَكَذَلِكَ لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً يَرْكَبُهَا شَهْرًا إلَى أَيِّ بَلَدٍ شَاءَ، وَالْبُلْدَانُ مِنْهَا الْوَعِرَةُ الشَّدِيدَةُ وَمِنْهَا السَّهْلَةُ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَوَانِيتِ وَالدُّورِ، فَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ حَتَّى يَتَبَاعَدَ تَبَاعُدًا بَيِّنًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ أَضَرُّ بِالْجُدُرِ وَمِنْهَا مَا لَا يَضُرُّ فَإِذَا اخْتَلَفَ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ. أَلَا تَرَى أَنَّ مِنْ الْحُمُولَةِ مَا لَوْ سَمَّى لِنَقْبِهِ لِظَهْرِ الدَّابَّةِ لَمْ يَرْضَ رَبُّ الدَّابَّةِ فِيهِ بِدِينَارٍ وَاحِدٍ وَآخَرَ لِخِفَّةِ مُؤْنَتِهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ يَكُونُ كِرَاؤُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لِمَا يُتَفَاحَشُ. أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يُكْرِي دَابَّتَهُ تُرْكَبُ يَوْمًا فِي الْحَضَرِ فَيَكُونُ غَيْرَ كِرَائِهَا تُرْكَبُ يَوْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute