للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ابْنُ كِنَانَةَ بَعْدَمَا قَالَ لِي هَذَا الْقَوْلَ بِأَعْوَامٍ: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ عَجَّلَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ أَتَرَى وَلَدَهُ يَتْبَعُ الْمُدَبَّرَ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهَا إذَا وَضَعَتْهُ كَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ السَّيِّدُ وَالْجَارِيَةُ لِلْعَبْدِ تَبَعٌ لِأَنَّهَا مَالُهُ.

قُلْتُ: وَتَصِيرُ مِلْكًا لَهُ وَلَا تَكُونُ بِهَذَا الْوَلَدِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؟

قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا اخْتَلَفَ فِي الْمُكَاتَبِ وَجَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْجَارِيَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ فِي جَارِيَتِهِ، وَاَلَّذِي سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إذَا وَلَدَتْهُ فِي التَّدْبِيرِ أَوْ فِي الْكِتَابَةِ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا يَوْمَ تُعْتَقُ وَلَدٌ حَيٌّ؟

قَالَ: نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ حَيٌّ يَوْمَ تُعْتَقُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: لَا تَكُونُ أُمُّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ أُمَّ وَلَدٍ إذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ كَانَ لَهُ وَلَدٌ يَوْمَ يُعْتَقُ أَوْ لَا وَلَدَ لَهُ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَالِهِ وَلَيْسَ هِيَ مِثْلُ أُمِّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ كَانَ مَالُهُ مَمْنُوعًا مِنْ سَيِّدِهِ فَبِذَلِكَ افْتَرَقَا وَأُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ أُمُّ وَلَدٍ إذَا أَدَّى وَعَتَقَ.

قُلْتُ: مَا حُجَّةُ مَالِكٍ فِي الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ؟ فَقَالَ الْمُعْتِقُ: هِيَ حُرَّةٌ لِمَ جَعَلَهَا مَالِكٌ فِي جِرَاحِهَا وَحُدُودِهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَمَةِ وَأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَهِيَ إذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا كَانَتْ حُرَّةً بِاللَّفْظِ الَّذِي أَعْتَقَهَا بِهِ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ. قَالَ: لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً وَمَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ، فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ هَذَا أُوقِفَتْ فَلَمْ تَنْفُذْ لَهَا حُرِّيَّتُهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا. قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْهُ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ وَلَا يَدْخُلُ فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُكَاتَبُ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَهَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْتُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ خِلَافًا فِي هَذَا إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَلَهُ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْهُ دَخَلَ حَمْلُهَا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ.

[أُمّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ يَمُوتُ سَيِّدُهُ فَيُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ]

فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ يَمُوتُ سَيِّدُهُ فَيُعْتَقُ فِي ثُلُثِهِ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهُ فَعَتَقَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ: أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ بِالْوَلَدِ الَّذِي كَانَ فِي التَّدْبِيرِ، وَوَلَدُهُ الَّذِينَ وُلِدُوا بَعْدَ التَّدْبِيرِ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ بِمَنْزِلَتِهِ يُعْتَقُونَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>