قَائِمَةٌ بِأَعْيَانِهَا لَمْ تَفُتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا هِيَ لَمْ تَفُتْ وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ حِينَ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ سِلْعَةً فَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَائِتَةٌ مُسْتَهْلَكَةٌ، فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمَأْمُورِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا فِي السِّلَعِ إذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً قَدْ فَاتَتْ، فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمَأْمُورِ أَيْضًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْأَقَاوِيلَ كُلَّهَا هِيَ قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: أَمَّا فِي السِّلَعِ إذَا فَاتَتْ وَإِذَا لَمْ تَفُتْ فَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَمَّا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ وَهُوَ رَأْيِي.
[وَكَّلَ رَجُلًا يَرْهَنُ لَهُ وَيَأْتِيهِ بِالسَّلَفِ فَادَّعَى الْآمِرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَقَلِّ مِمَّا قَالَ الْمَأْمُورُ]
فِي رَجُلٍ وَكَّلَ رَجُلًا يَرْهَنُ لَهُ وَيَأْتِيهِ بِالسَّلَفِ فَادَّعَى الْآمِرُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَقَلِّ مِمَّا قَالَ الْمَأْمُورُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ وَقَالَ الْمَأْمُورُ: قَدْ دَفَعْتهَا إلَيْهِ قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي دَفَعْتُ إلَيْهِ رَجُلٍ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ فَفَعَلَ فَلَمَّا جِئْتُ أَفْتَكُّهُ قَالَ الرَّسُولُ: قَدْ رَهَنْتَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَدْ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ، وَقَالَ الْآمِرُ: مَا أَمَرْتُكَ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَقَبَضْتُهَا مِنْكَ أَوْ قَالَ: لَمْ أَقْبِضْهَا مِنْكَ.
قَالَ: إذَا أَقَرَّ بِالرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي مَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَقْبِضْ مِنْكَ شَيْئًا وَقَدْ أَمَرْتُكَ أَنْ تَرْهَنَهَا وَقَالَ الرَّسُولُ: قَدْ رَهَنْتُهَا وَدَفَعْتُ إلَيْك الذَّهَبَ كَانَ الْقَوْلُ أَيْضًا قَوْلَ الرَّسُولِ فِي الدَّفْعِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا رَهَنَ بِهِ إذَا كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ مَا قَالَ قُلْتُ: وَلِمَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّسُولِ إذَا قَالَ الْآمِرُ: لَمْ أَقْبِضْ مِنْكَ شَيْئًا؟
قَالَ: لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهِ وَمِثْلُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ فَبَاعَهَا وَقَالَ: قَدْ دَفَعْتُ إلَيْكَ الثَّمَنَ وَقَالَ الْآمِرُ: لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ لِأَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً فَإِنَّ لَهُ قَبْضَ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِيلَ لَهُ بِعْ وَاقْبِضْ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ بِعْ فَسُنَّةُ مَنْ بَاعَ أَنَّهُ يَقْبِضُ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي الْقَبْضِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَبِلَ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْدَعُ: قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَيْكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ مَا عَلَى وَلِيِّ الْيَتِيمِ. وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا لِيَرْهَنَهُ لِرَبِّ الثَّوْبِ فَاخْتَلَفَا كَانَ كَمَا وَصَفْتُ لَك فِي صَدْرِ الْكِتَابِ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيَرْهَنَهُ لِنَفْسِهِ يُقِرُّ لَهُ رَبُّ الثَّوْبِ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَرْهَنَهُ بِخَمْسَةٍ.
وَقَالَ الرَّاهِنُ لِنَفْسِهِ الْمُسْتَعِيرِ لِلثَّوْبِ لِيَرْهَنَهُ: أَذِنْتَ لِي أَنْ أَرْهَنَهُ بِعَشَرَةٍ وَالثَّوْبُ يُسَاوِي عَشَرَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ إنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا بِخَمْسَةٍ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا إلَّا بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُعِيرُ، وَالْمُسْتَعِيرُ مُدَّعٍ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute