لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمِائَةِ، أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ فَرَسًا أَوْ جَارِيَةً أَوْ ثَوْبًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا فَجَاءَ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ: بِعْتُكَهُ وَآخَرَ مَعَهُ بِمِائَةٍ دِينَارٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ بِعْتَنِيهِ وَحْدَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالثَّمَنِ، وَالْبَائِعُ مُدَّعٍ فِيمَا زَعَمَ أَنَّهُ بَاعَهُ مَعَهُ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ مَا قَالَ الْمُشْتَرِي وَتَفَاحَشَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُرَدُّ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا نِصْفَهُ نِصْفُ ثَمَنِ الْقَمْحِ، وَلَا غُرْمَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي نِصْفِ الْحِمْلِ الْبَاقِي إذَا حَلَفَ لِأَنَّ الْبَائِعَ فِيهِ مُدَّعٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ بَاعَنِي إلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا وَقَالَ الْمُقِرُّ لَهُ: بَلْ هِيَ حَالَةُ الْقَوْلِ قَوْلُ مَنْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مَنْ رَجُلٍ سِلْعَةً فَأَتَاهُ يَقْتَضِيهِ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ الْمُبْتَاعُ: بِعْنِي إلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ الْبَائِعُ: بَلْ حَالٌّ، قَالَ: إنْ كَانَ الَّذِي ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَجَلًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِي مِثْلِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ الَّذِي قَالَ: حَالٌّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ أَمْرٌ يَتَبَايَعُونَ عَلَيْهِ قَدْ عَرَفُوهُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مِنْ ادَّعَى الْأَمْرَ الْمَعْرُوفَ عِنْدَهُمْ، وَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَرْضٌ فَادَّعَى الْأَجَلَ وَقَالَ الْآخَرُ: حَالٌّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقْرِضِ، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ: هُوَ مِثْلُ مَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ السِّلْعَةَ فَيَقُولُ الدَّافِعُ: أَمَرْتُك أَنْ تَرْهَنَهَا وَيَقُولُ الْمَدْفُوعَةُ إلَيْهِ: بَلْ أَمَرْتنِي أَنْ أَبِيعَهَا، قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا فَاتَتْ أَوْ لَمْ تَفُتْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ: لِي مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدَّعِي السِّلْعَةَ فِي يَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ: رَهَنْتَنِيهَا وَيَقُولُ صَاحِبُهَا: بَلْ اسْتَوْدَعْتُكَهَا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّهَا. قُلْت: فَإِنْ قَالَ الدَّافِعُ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَبِيعَهَا بِطَعَامٍ وَقَالَ الْمَأْمُورُ: أَمَرْتَنِي أَنْ أَبِيعَهَا بِدَنَانِيرَ، قَالَ: إنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الدَّافِعِ وَإِنْ فَاتَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ وَيَحْلِفُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ: يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ السِّلْعَةَ يَبِيعُهَا لَهُ فَيَقُولُ الْمَأْمُورُ: أَمَرْتَنِي بِعَشَرَةٍ وَيَقُولُ الْآمِرُ: بَلْ أَمَرْتُكَ بِاثْنَيْ عَشَرَ، قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِهَا إنْ لَمْ تَفُتْ وَيَحْلِفُ، فَإِنْ فَاتَتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَأْمُورِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ فَقَالَ رَبُّ الدَّنَانِيرِ: أَمَرْتُك أَنْ تَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا وَقَالَ الْمَأْمُورُ: بَلْ أَمَرْتنِي أَنْ أَشْتَرِيَ بِهَا بَزًّا قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ.
قُلْتُ: مَا فَرْقٌ بَيْنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالسِّلْعَةِ؟
قُلْتُ: فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ، وَقُلْتُ فِي السِّلَعِ: إذَا أَمَرَتْهُ أَنْ يَبِيعَهَا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْآمِرِ، قَالَ: لِأَنَّ السِّلَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute