قُلْت: فَهَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُسْلِفَ الرَّجُلُ فِي حَدِيدِ مَعْدِنٍ بِعَيْنِهِ وَيَشْتَرِطُ مِنْ ذَلِكَ وَزْنًا مَعْرُوفًا؟ .
قَالَ: أَرَى سَبِيلَ الْمَعْدِنِ فِي هَذَا سَبِيلَ مَا وَصَفْت لَك مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي السُّلْفَةِ فِي قَمْحِ الْقُرَى الْمَأْمُونَةِ إنْ كَانَ الْمَعْدِنُ مَأْمُونًا لَا يَنْقَطِعُ حَدِيدُهُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ لِكَثْرَتِهِ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ، فَالسَّلَفُ فِيهِ جَائِزٌ إذَا وَصَفَهُ وَإِلَّا فَلَا.
[السَّلَفُ فِي الْفَاكِهَةِ]
ِ قُلْت: أَرَأَيْت مَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي بَعْضِ السَّنَةِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ أَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِفَ فِيهِ قَبْلَ إبَّانِهِ وَيَشْتَرِطُ الْأَخْذَ فِي إبَّانِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ هُوَ كَمَا وَصَفْت لَك مِنْ السَّلَفِ فِي الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ، وَأَمَّا مَا لَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَسَلِّفْ فِيهِ مَتَى مَا شِئْت فِي أَيْ إبَّانٍ شِئْت وَاشْتَرِطْ أَخْذَ ذَلِكَ فِي أَيْ إبَّانٍ شِئْت فِي قَوْلِ مَالِكٍ.
قُلْت: أَرَأَيْت مِنْ سَلَّفَ فِي إبَّانِ الْفَاكِهَةِ وَاشْتَرَطَ الْأَخْذَ فِي إبَّانِهَا فَانْقَضَى إبَّانَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مَا سَلَّفَ فِيهِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟
قَالَ: كَانَ مَالِكٌ مَرَّةً يَقُولُ: يَتَأَخَّرُ الَّذِي لَهُ السَّلَفُ إلَى إبَّانِهَا مِنْ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ إذَا لَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ فِي إبَّانِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَفُ إلَى إبَّانِهِ مِنْ قَابِلٍ فَذَلِكَ لَهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَمَنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمَا فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْت: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي التَّسْلِيفِ فِي الْقَصَبِ الْحُلْوِ أَوْ فِي الْمَوْزِ أَوْ فِي الْأُتْرُجِّ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا؟ .
فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا مَعْرُوفًا، فَإِنْ كَانَ يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَسَبِيلُ السَّلَفِ فِيهِ كَمَا وَصَفْت لَك، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاس فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ مَا لَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ وَقَدْ وَصَفْت لَك ذَلِكَ.
قُلْت: فَالتُّفَّاحُ وَالرُّمَّانُ وَالسَّفَرْجَلُ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيفِ فِيهِ كَيْلًا وَعَدَدًا.
قَالَ: أَمَّا الرُّمَّانُ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا بَأْسَ بِالتَّسْلِيفِ فِي ذَلِكَ عَدَدًا إذَا كَانَ قَدْ وَصَفَ مِقْدَارَ الرُّمَّانِ الَّذِي سَلَّفَ فِيهِ، قَالَ: وَأَرَى التُّفَّاحَ وَالسَّفَرْجَلَ بِمَنْزِلَةِ الرُّمَّانِ فِي الْعَدَدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ يُحَاطُ بِمَعْرِفَتِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ سَلَّفَ فِي التُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ كَيْلًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَيْضًا إذَا كَانَ أَمْرًا مَعْرُوفًا قَالَ: وَكَذَلِكَ الرُّمَّانُ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلِفَ فِيهِ كَيْلًا إنْ أَحَبُّوا.