للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُنْتُ قَبِلْتُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ الزَّوْجُ قَدْ كُنْتُ طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ تَقْبَلِي؟

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ مُخَلِّيًا فِي بَيْتِهِ وَذَلِكَ فِي الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ الرَّجُلُ عَنْهَا ثُمَّ أَتَى لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا، فَأَغْلَقَتْ الْبَابَ دُونَهُ وَقَالَتْ قَدْ مَلَّكْتَنِي وَاخْتَرْتُ نَفْسِي، وَقَالَ الزَّوْجُ مَلَّكْتُكِ وَلَمْ تَخْتَارِي، فَاخْتُلِفَ فِيهَا بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَ الرَّجُلُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَرَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِأَنَّكَ قَدْ أَقْرَرْتَ بِالتَّمْلِيكِ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهَا لَمْ تَقْضِ فَأَرَى الْقَوْلَ قَوْلَهَا.

قُلْتُ: إنَّمَا جَعَلَ مَالِكٌ الْقَوْلَ قَوْلَهَا؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ وَأَنْ يُفَرَّقَا فِي مَجْلِسِهِمَا. قَالَ: لَا لَيْسَ لَهَا ذَا. قَالَ: وَقَدْ أَفْتَى مَالِكٌ هَذَا الرَّجُلَ بِمَا أَخْبَرْتُكَ مِنْ فُتْيَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ فِي التَّمْلِيكِ بِقَوْلِهِ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا أَفْتَاهُ وَهُوَ يَقُولُ فِي التَّمْلِيكِ بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ إذْ كَانَ يَقُولُ إنَّ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ مَا قَامَتْ فِي مَجْلِسِهَا.

قَالَ: وَإِنَّمَا رَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ " إنَّ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا " فِي آخِرِ عَامٍ فَارَقْنَاهُ وَكَانَ قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ إذَا تَفَرَّقَا فَلَا قَضَاءَ لَهَا إذَا كَانَ قَدْ أَمْكَنَهَا الْقَضَاءُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ قِيَامِ زَوْجِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَصَادَقَا فِي الْخُلْعِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجُعْلِ الَّذِي كَانَ بِهِ الْخُلْعُ، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ خَلَعَنِي بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ، وَقَالَ الزَّوْجُ بَلْ خَلَعْتُكِ بِهَذِهِ الدَّارِ وَهَذِهِ الْجَارِيَةِ وَهَذَا الْعَبْدِ؟

قَالَ: مَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ الْخُلْعُ جَائِزٌ وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ إلَّا مَا أَقَرَّتْ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَتَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَيَا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ صَالَحَتْهُ امْرَأَتُهُ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَوَجَبَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى شَيْءٍ أَعْطَتْهُ ثُمَّ إنَّهُ خَرَجَ لِيَأْتِيَ بِالشُّهُودِ فَيَشْهَدُوا فِيمَا بَيْنَهُمَا، فَجَحَدَتْ الْمَرْأَةُ الصُّلْحَ وَأَنْ تَكُونَ أَعْطَتْهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا.

قَالَ مَالِكٌ: تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ وَيَثْبُتُ الْخُلْعُ وَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي ادَّعَى شَيْءٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِفِرَاقِهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى أَنَّهُ خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ الْخُلْعَ، فَأَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدًا وَاحِدًا أَنَّهُ خَلَعَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، أَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْأَلْفَ؟ هَهُنَا قَوْلُ مَالِكٍ: إنَّ ذَلِكَ لَهُ

[خُلْعُ الْأَبِ عَنْ ابْنِهِ وَابْنَتِهِ]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَا حُجَّةُ مَالِكٍ حِينَ قَالَ: يَجُوزُ خُلْعُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَطْلِيقَهُ؟

قَالَ: جَوَّزَ ذَلِكَ مَالِكٌ مِنْ وَجْهِ النَّظَرِ لِلصَّبِيِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ إنْكَاحَهُمَا إيَّاهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ فَكَذَلِكَ خُلْعُهُمَا؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنَّهُ مِمَّنْ لَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَجُزْ طَلَاقُهُ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ طَلَاقُهُ كَانَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ بِيَدِ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا أُدْخِلَ جَوَازُ طَلَاقِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ بِالْخُلْعِ عَلَى الصَّبِيِّ حِينَ صَارَا عَلَيْهِ مُطَلِّقَيْنِ، وَهُوَ لَا يَقَعُ عَلَى الصَّبِيِّ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ نَكْرَهُ لِشَيْءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>