يُسَلِّفُهُ وَلَا يَشْتَرِطُ، قَالَ: وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْمَزْرَعَةُ عِنْدَ أَرْضِ رَجُلٍ وَلِلْآخَرِ عِنْدَ مَسْكَنِ الْآخَرِ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا فَيَحْصُدَانِ جَمِيعًا فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَعْطِنِي هَاهُنَا طَعَامًا بِمَوْضِعِي الَّذِي أَسْكُنُ فِيهِ مِنْ زَرْعِكَ وَأَنَا أُعْطِيَك فِي مَوْضِعِكَ الَّذِي تَسْكُنُ فِيهِ مِنْ زَرْعِي.
قَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي إلَى الرَّجُلِ قَدْ اسْتَحْصَدَ زَرْعَهُ وَيَبِسَ وَزَرْعُ الْآخَرِ لَمْ يُسْتَحْصَدْ وَلَمْ يَيْبَسْ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ لَهُ: أَسْلِفْنِي مَنْ زَرْعِكَ هَذَا الَّذِي يَبِسَ فَدَّانًا أَوْ فَدَّانَيْنِ أَحْصُدُهُمَا وَأَدْرُسُهُمَا وَأُذَرِّيهِمَا وَأَكِيلُهُمَا فَأُعْطِيَكَ مَا فِيهَا مَنْ الْكَيْلِ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسَلِّفِ عَلَى وَجْهِ الْمُرْفِقِ بِصَاحِبِهِ وَطَلَبِ الْأَجْرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْصُدُ الزَّرْعَ الْقَلِيلَ مِنْ الزَّرْعِ الْكَثِيرِ فَيُقْرِضُ مِنْهُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ فَلَيْسَ يَخِفُّ عَنْهُ بِذَلِكَ مُؤْنَةٌ وَلَا ذَلِكَ طَلَبٌ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَإِنْ كَانَ يَحْصُدُهُ لَهُ وَيَدْرُسُهُ لَهُ وَيُذَرِّيهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسَلِّفِ عَلَى وَجْهِ الْأَجْرِ وَطَلَبِ الْمُرْفِقِ بِمَنْ أَسْلَفَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَسْلَفَهُ لِيَكْفِيَهُ مُؤْنَتَهُ وَحَصَادَهُ وَعَمَلَهُ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ. قَالَ فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ يَتَسَلَّفُهَا الرَّجُلُ بِبَلَدٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا إيَّاهُ بِبَلَدٍ آخَرَ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ الْمُسَلِّفِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَالرِّفْقِ بِصَاحِبِهِ وَلَمْ يَكُنْ إنَّمَا أَسْلَفَهَا لِيَضْمَنَ لَهُ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِالسَّفْتَجَاتِ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا ضَرَبَ لِذَلِكَ أَجَلًا وَلَيْسَ فِي الدَّنَانِيرِ حَمَّالٌ مِثْلُ الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُرْفِقِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَسْلَفْتُ سَلَفًا وَاشْتَرَطْتُ أَنْ يُوفِيَكَ بِأَرْضٍ فَلَا يَصْلُحُ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ وَابْنُ هُرْمُزَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ الْغِفَارِيُّ وَابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ كُلُّهُمْ يَكْرَهُهُ بِشَرْطٍ، وَذَكَرَ خَالِدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَنَّ رَبِيعَةَ قَالَ فِي امْرَأَةٍ أَعْطَتْ صَاحِبَهَا صَاعًا مَنْ دَقِيقٍ بِمَكَّةَ إلَيْهِ أَنْ تَقَدَّمَ أَيْلَةَ فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ رَبِيعَةَ: لَا يُعْطِيهَا إلَّا بِمَكَّةَ.
قَالَ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ ابْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ: إنَّهَا سَأَلَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ تَمْرٍ تُعْطِيهِ بِخَيْبَرَ وَتَأْخُذُ مَكَانَهُ تَمْرًا بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: لَا، وَأَيْنَ الضَّمَانُ بَيْنَ ذَلِكَ أَتُعْطِي شَيْئًا عَلَى أَنْ تُعْطَاهُ بِأَرْضٍ أُخْرَى.
[اسْتَقْرَضَ إرْدَبًّا مِنْ قَمْحٍ ثُمَّ أَقْرَضَهُ رَجُلًا بِكَيْلِهِ أَوْ بَاعَهُ]
فِي رَجُلٍ اسْتَقْرَضَ إرْدَبًّا مِنْ قَمْحٍ ثُمَّ أَقْرَضَهُ رَجُلًا بِكَيْلِهِ أَوْ بَاعَهُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَقْرَضْت إرْدَبًّا مِنْ حِنْطَةٍ وَكَّلْته ثُمَّ أَقْرَضْته رَجُلًا عَلَى كَيْلِي؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute