للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْضَاءَ أَوْ سَمْرَاءَ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا وَهَذَا لَوْ فَرَّقْته لَجَازَ لِأَنَّ الدَّقِيقَ بِالْحِنْطَةِ جَائِزٌ وَالْحِنْطَةَ بِالْحِنْطَةِ جَائِزَةٌ فَلَمَّا اجْتَمَعَا كَرِهَهُ مَالِكٌ، فَكَذَلِكَ الشَّعِيرُ وَالْحِنْطَةُ بِالشَّعِيرِ وَبِالْحِنْطَةِ فَهُوَ مِثْلُهُ، فَلَا يَجُوزُ إذَا اجْتَمَعَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا خَشِيَ مَالِكٌ فِي هَذَا الذَّرِيعَةَ لِمَا يَكُونُ بَيْنَ الْقَمْحَيْنِ مِنْ الْجَوْدَةِ أَوْ لِفَضْلِ مَا بَيْنَ الشَّعِيرَيْنِ فَيَأْخُذُ فَضْلَ شَعِيرِهِ فِي حِنْطَةِ صَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُهُ فَضْلَ حِنْطَتِهِ فِي شَعِيرِ صَاحِبِهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا مِثْلُهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ كَمِثْلِ مَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ مِائَةَ دِينَارٍ كَيْلًا بِمِائَةِ دِينَارٍ كَيْلًا وَمَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَيْلًا مَعَ هَذِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمَعَ هَذِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا لَوْ فَرَّقْته لَجَازَتْ الدَّرَاهِمُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرُ بِالدَّنَانِيرِ، وَهَذَا إنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مَعَ إحْدَى الذَّهَبَيْنِ شَيْءٌ عَرْضًا وَلَا وَرِقًا وَكَذَلِكَ الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مِثْلُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الطَّعَامِ الَّذِي يُدَّخَرُ وَيُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ.

قُلْت: أَرَأَيْت مَنْ أَعْطَى قَفِيزَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ بِقَفِيزٍ مَنْ حِنْطَةٍ وَدَرَاهِمَ هَلْ يَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ أَمْ لَا؟ .

قَالَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ شَيْءٌ مِنْهُ.

قُلْت: وَلِمَ لَا يُجَوِّزُهُ وَيَجْعَلُهُ قَفِيزًا بِقَفِيزٍ وَالْقَفِيزُ الْآخَرُ بِالدَّرَاهِمِ؟

قَالَ: لَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مَعَ إحْدَى الذَّهَبَيْنِ شَيْءٌ أَوْ مَعَ الذَّهَبَيْنِ جَمِيعًا مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ مِنْ السِّلَعِ فَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ وَجَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مِنْ الطَّعَامِ مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ مِنْ نَوْعِهِ يَدًا بِيَدٍ إنَّمَا يُحْمَلُ مَحْمَلَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَ أَحَدِهِمَا سِلْعَةٌ أَوْ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ سِلْعَةٌ أُخْرَى لِأَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا مَا لَا يَجُوزُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَجَعَلَا مَعَ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ سِلْعَةً أَوْ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ سِلْعَةً فَهَذَا لَيْسَ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهَذَا تَرْكٌ لِلْأَثَرِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ. أَلَا تَرَى أَنَّك إذَا بِعْت عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسِلْعَةً مَعَ الْعَشَرَةِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا فَلَمْ تَبِعْ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ، وَهَذَا خِلَافُ الْأَثَرِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ كُلُّهُ فِي الطَّعَامِ.

وَقَالَ لِي مَالِكٌ: يَجْرِي مَجْرَى الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ.

[بَيْع الْفُلُوسِ بِالْفُلُوسِ]

فِي الْفُلُوسِ بِالْفُلُوسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ الْفُلُوسُ بِالْفُلُوسِ جُزَافًا وَلَا وَزْنًا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا كَيْلًا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ وَلَا إلَى أَجَلٍ وَلَا بَأْسَ بِهَا عَدَدًا فَلْسٌ بِفَلْسٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَصْلُحُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ يَدًا بِيَدٍ وَلَا إلَى أَجَلٍ، وَالْفُلُوسُ هَاهُنَا فِي الْعَدَدِ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الْوَرِقِ. وَقَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْفُلُوسِ وَلَا أَرَاهُ حَرَامًا كَتَحْرِيمِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>