للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ فِي ذِمَّةٍ ثَابِتَةٍ وَأَنَّهَا عَلَى الْحَمِيلِ فِي ذِمَّةٍ ثَابِتَةٍ إذَا أَخْرَجَهُ الْحَمِيلُ لَمْ يَرْجِعْ لَهُ كَمَا أَخْرَجَهُ فِي ذِمَّةٍ، وَأَنَّهُ إنْ وَجَدَ عِنْدَ الْمُكَاتَبِ شَيْئًا أَخَذَهُ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذِمَّةٍ ثَابِتَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا لِسَيِّدِهِ وَذَهَبَ مَالُ الْحَمِيلِ بَاطِلًا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شُرُوطِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ بُيُوعُهُمْ.

[عَبْدَانِ كُوتِبَا جَمِيعًا فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَعَجَزَ الْآخَرُ]

فِي عَبْدَيْنِ كُوتِبَا جَمِيعًا فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَعَجَزَ الْآخَرُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبْتُ عَبْدَيْنِ لِي كِتَابَةً وَاحِدَةً فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَحَضَرَ الْآخَرُ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ النَّجْمِ أَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْجِزَهُ وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ؟ قَالَ: يَرْفَعُ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَيُتَلَوَّمُ لَهُ وَلَا يَكُونُ تَعْجِيزُهُ الْحَاضِرُ عَجْزًا وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ، وَيَتَلَوَّمُ لَهُ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ رَأَى أَنْ يُعْجِزَهُمَا جَمِيعًا عَجَزَهُمَا؛ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْغَائِبِ: يَرْفَعُهُ إلَى السُّلْطَانِ فَإِنْ رَأَى أَنْ يُعْجِزَهُ عَجَزَهُ فَهَذَا مِثْلُهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَاتَبَ رَجُلٌ عَبْدَيْنِ لَهُ فَهَرَبَ أَحَدُهُمَا وَعَجَزَ الْحَاضِرُ، قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يُعْجِزَهُ دُونَ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ غَائِبٌ، فَإِذَا حَلَّتْ نُجُومُهُ رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَيَكُونُ السُّلْطَانُ هُوَ يُعْجِزُهُ بِمَا يَرَى، وَقَالَهُ أَشْهَبُ.

[الْمُكَاتَبُ تَحِلُّ نُجُومُهُ وَهُوَ غَائِبٌ]

ٌ قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ غَائِبًا وَقَدْ حَلَّ نَجْمٌ أَوْ نُجُومٌ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعْجِزَهُ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ يَرْفَعُ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ: أُشْهِدُكُمَا أَنِّي قَدْ عَجَزْتُهُ ثُمَّ قَدِمَ الْمُكَاتَبُ بِنُجُومِهِ الَّتِي حَلَّتْ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ السَّيِّدِ، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ صَنَعَ بِهِ كَمَا يَصْنَعُ بِالْمُكَاتَبِ إذَا حَلَّ عَلَيْهِ نَجْمٌ فَلَمْ يُؤَدِّهِ، قَالَ: وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يُعْجِزَهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إذَا رَأَى ذَلِكَ.

[الْمُكَاتَبُ يُعْجِزُ نَفْسَهُ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ]

ٌ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ غَيْرَ مَرَّةٍ: إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ ذَا مَالٍ ظَاهِرٍ مَعْرُوفٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ يُعْرَفُ فَذَلِكَ لَهُ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَعَجَّزَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَظْهَرَ أَمْوَالًا عِظَامًا فِيهَا وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِ، أَيُرَدُّ فِي الْكِتَابَةِ أَمْ هُوَ رَقِيقٌ؟

قَالَ: بَلْ هُوَ رَقِيقٌ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ بِهَا.

قُلْتُ: وَيَكُونُ عَجْزُ الْمُكَاتَبِ دُونَ السُّلْطَانِ إذَا رَضِيَ الْمُكَاتَبُ؟

قَالَ: نَعَمْ، عِنْدَ مَالِكٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ يُعْرَفُ وَكَانَ مَالُهُ صَامِتًا، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي

<<  <  ج: ص:  >  >>