للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمَرِ تِلْكَ النَّخَلَاتِ صَارَ صَاحِبُ الدَّارِ قَدْ وَضَعَ عِنْدَ الْمُتَكَارِي مِنْ كِرَاءِ الدَّارِ لِمَكَانِ مَا اشْتَرَطَ مِنْ نِصْفِ الثَّمَرَةِ فَكَأَنَّهُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

قُلْتُ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا؟

قَالَ: لِأَنَّ الْمُتَكَارِيَ أَيْضًا كَأَنَّهُ حِينَ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الثَّمَرَةِ فَقَدْ زَادَتْ الدَّارُ فِي الْكِرَاءِ لِأَجْلِ مَا اشْتَرَطَ مِنْ نِصْفِ الثَّمَرَةِ الَّتِي اشْتَرَطَ وَإِذَا اشْتَرَطَهَا كُلَّهَا فَهِيَ مُلْغَاةٌ.

قُلْتُ: وَالنَّخْلُ وَالْبَيَاضُ هِيَ السُّنَّةُ، وَكَذَلِكَ عَامَلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَهْلَ خَيْبَرَ؟

قَالَ: نَعَمْ إلَّا الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ نِصْفِ فِضَّةِ السَّيْفِ وَنِصْفِ فِضَّةِ الْخَاتَمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدِي لَا يَجُوزُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت الْبَيَاضَ وَفِيهِ سَوَادٌ هُوَ الثُّلُثُ فَأَدْنَى فَاشْتَرَطْتُ نِصْفَ السَّوَادِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إلَيْهِ فِي خِلَافَتِهِ وَعُثْمَانُ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ أَنْ تُبَاعَ كُلُّ أَرْضٍ ذَاتِ أَصْلٍ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ أَوْ الْجُزْءِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا عَلَى مَا يَتَرَاضَوْنَهُ وَلَا تُبَاعُ بِشَيْءٍ سِوَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَأَنْ يُبَاعَ الْبَيَاضُ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ مِنْ الْأُصُولِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ لِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: كَانَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الْأَرْضِ يَكُونُ فِيهَا الْأَصْلُ وَالْبَيَاضُ أَيُّهُمَا كَانَ رِدْفًا أُلْغِيَ وَأُكْرِيَتْ بِكِرَاءِ أَكْثَرِهِمَا إنْ كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَهُمَا أُكْرِيَتْ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَكْثَرَ أُكْرِيَتْ بِالْجُزْءِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرِهِ.

وَقَدْ قَامَتْ بِهَذَا فِي السَّوَادِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ فِي خَيْبَرَ قَالُوا: أَيُّهُمَا كَانَ رِدْفًا أُلْغِيَ وَحُمِلَ كِرَاؤُهُ عَلَى كِرَاءِ صَاحِبِهِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الَّذِي مَضَى عَلَى أَنَّهُمْ يُسَاقُونَ الْأَصْلَ وَفِيهِ الْبَيَاضُ تَبَعٌ وَيُكْرُونَ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ وَفِيهَا الشَّيْءُ مِنْ الْأَصْلِ فَأَخْبَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، وَأَنَّهُ الَّذِي مَضَى مِنْ أَمْرِهِمْ، وَالْعَمَلُ أَقْوَى مِنْ الْإِخْبَارِ.

[الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ وَالْحَمَّامَ وَيَشْتَرِطُ كَنْسَ التُّرَابِ وَالْمَرَاحِيضِ وَالْقَنَوَاتِ]

فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّارَ وَالْحَمَّامَ وَيَشْتَرِطُ كَنْسَ التُّرَابِ وَالْمَرَاحِيضِ وَالْقَنَوَاتِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت دَارًا فَاشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ كُنَاسَةَ الْمَرَاحِيضِ وَكُنَاسَةَ التُّرَابِ أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا أَرَى بِهَذَا بَأْسًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>