للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ وَلَدًا وَامْرَأَةً وَتَرَكَ أَرْضًا وَدُورًا؟

قَالَ مَالِكٌ: تُقَسَّمُ الدُّورُ وَالْأَرْضُ أَثْمَانًا، فَيُضْرَبُ لِلْمَرْأَةِ بِثُمُنِهَا فِي إحْدَى النَّاحِيَتَيْنِ، وَيُضْرَبُ لِلْوَرَثَةِ فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى وَلَا يُضْرَبُ لَهَا بِثُمُنِهَا وَسَطَ الْأَرْضِ وَلَا وَسَطَ الدَّارِ.

قُلْتُ: وَكَيْفَ يُضْرَبُ لَهَا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؟

قَالَ: تُقَسَّمُ الدَّارُ أَثْمَانًا، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى الثُّمُنَيْنِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الَّذِي مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ وَاَلَّذِي مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، فَيُسْهَمُ لِلْمَرْأَةِ عَلَيْهِمَا وَلَا يُسْهَمُ إلَّا عَلَيْهِمَا، فَأَيُّ الطَّرَفَيْنِ خَرَجَ لِلْمَرْأَةِ أَخَذَتْهُ الْمَرْأَةُ وَضُمَّ مَا بَقِيَ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فَيُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَيْضًا.

[فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ فِي أَرْضِهِ حَمَّامًا أَوْ فُرْنًا أَوْ رَحًى]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ لِي عَرْصَةٌ إلَى جَانِبِ دُورِ قَوْمٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُحْدِثَ فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ حَمَّامًا أَوْ فُرْنًا أَوْ مَوْضِعًا لِرَحًا فَأَبَى عَلَيَّ الْجِيرَانُ ذَلِكَ، أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُونِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إنْ كَانَ مَا يُحْدِثُ ضَرَرًا عَلَى الْجِيرَانِ مِنْ الدُّخَانِ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوكَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: يُمْنَعُ مِنْ ضَرَرِ جَارِهِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا ضَرَرًا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ حَدَّادًا فَاِتَّخَذَ فِيهَا كِيرًا أَوْ اتَّخَذَ فِيهَا أَفْرَانًا يَسِيلُ فِيهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، أَوْ اتَّخَذَ فِيهَا أَرْحِيَةً تَضُرُّ بِجُدْرَانِ الْجِيرَانِ أَوْ حَفَرَ فِيهَا آبَارًا أَوْ كَنِيفًا قُرْبَ جُدْرَانِ جِيرَانِهِ مَنَعْتَهُ مِنْ ذَلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا فِي الدُّخَانِ وَغَيْرِهِ.

قُلْتُ: هَلْ تَرَى التَّنُّورَ ضَرَرًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى التَّنُّورَ خَفِيفًا.

قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ دَارُ الرَّجُلِ إلَى جَنْبِ دَارِ قَوْمٍ، فَفَتَحَ فِي غُرْفَتِهِ كُوًى أَوْ أَبْوَابًا يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى دُورِ جِيرَانِهِ، أَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.

[فِي قِسْمَةِ الدُّورِ وَالرَّقِيقِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ وَاحِدَةً]

ً قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دُورًا، وَرَقِيقًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَوَّمُوا الرَّقِيقَ فَكَانَتْ قِيمَةُ الرَّقِيقِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَقَوَّمُوا الدُّورَ فَكَانَتْ قِيمَةُ الدُّورِ أَيْضًا أَلْفَ دِينَارٍ، فَأَرَادَا أَنْ يَجْعَلَا الرَّقِيقَ فِي نَاحِيَةٍ وَالدُّورَ فِي نَاحِيَةٍ عَلَى أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَى الدُّورِ وَالرَّقِيقِ؟

قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمُخَاطَرَةِ.

قُلْتُ: كَيْفَ يَكُونُ هَذَا مُخَاطَرَةً، وَقِيمَةُ الرَّقِيقِ أَلْفُ دِينَارٍ وَقِيمَةُ الدُّورِ أَلْفُ دِينَارٍ؟

قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ سَوَاءً لِأَنَّ هَذَيْنِ شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ، الدُّورُ غَيْرُ الرَّقِيقِ وَالرَّقِيقُ غَيْرُ الدُّورِ، فَإِنَّمَا تَخَاطَرَا عَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ عَلَى الرَّقِيقِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الدُّورِ فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا. وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِهَذَا أَنْ يَقْسِمُوا الدُّورَ عَلَى حِدَةٍ وَالرَّقِيقَ عَلَى حِدَةٍ.

قُلْتُ: لِمَ كَرِهْتَ هَذَا فِي الدُّورِ وَالرَّقِيقِ، وَأَنْتَ تُجِيزُهُ فِيمَا هُوَ مِثْلُ هَذَا الدَّارِ تَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>