للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِي الْوَصِيِّ يَأْذَنُ لِلصَّبِيِّ بِالتِّجَارَةِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التِّجَارَةَ]

َ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ يَعْقِلُ التِّجَارَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فِي التِّجَارَةِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مُوَلًّى عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ، فَلَا أَرَى الْإِذْنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذْنًا.

قُلْتُ: لِمَ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ وَالْبَيْعُ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، وَالْعَبْدُ الْمَحْجُورُ مُوَلًّى عَلَيْهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِسَفِيهٍ، إلَّا أَنَّ مِلْكَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ فَإِنَّمَا مُنِعَ التِّجَارَةَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ، كَمَا يُمْنَعُ النِّكَاحَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ. فَإِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ جَازَ عَلَيْهِ. وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِلْكُهُ بِيَدِ أَحَدٍ. وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ يَتِيمٍ قَدْ بَلَغَ وَاحْتَلَمَ، لَا يَعْلَمُ مِنْهُ وَلِيُّهُ إلَّا خَيْرًا، فَأَعْطَاهُ ذَهَبًا بَعْدَ احْتِلَامِهِ لِيَخْتَبِرَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِيَخْتَبِرَهُ بِذَلِكَ أَوْ يَعْرِفَ، فَدَايَنَ النَّاسَ فَرَهِقَهُ دَيْنٌ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يُعْدَى عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ. لَا مَا فِي يَدَيْهِ وَلَا مَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ.

قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: إنَّهُ قَدْ أَمْكَنَهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَفَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ؟

قَالَ: لَا، لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مَالَهُ، الْمَالُ مَحْجُوبٌ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيَخْتَبِرَهُ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، فَالصَّبِيُّ إذَا أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ عِنْدَهُ أَضْعَفُ شَأْنًا مِنْ هَذَا.

[دَفَعَ إلَى عَبْدٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ إلَى يَتِيمٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَالًا لِيَتَّجِرَ بِهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى عَبْدِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَالًا وَأَمَرْته أَنْ يَتَّجِرَ لِي بِهِ، أَوْ إلَى يَتِيمٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَفَعَلَ ثُمَّ لَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ، أَوْ الْيَتِيمَ أَيَكُونُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِمَا؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِمَا.

قُلْتُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي دَفَعْتُ إلَيْهِمَا؟

قَالَ: نَعَمْ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي دُفِعَ إلَيْهِمَا يَتَّجِرَانِ بِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي ذَلِكَ الْمَالِ. فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ، لَا يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِمَا، وَلَا فِي مَالِ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِمَا الْمَالَ، وَلَا ذِمَّةِ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِمَا الْمَالَ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَتَّجِرَا بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالًا لِلْيَتِيمِ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَصِيُّهُ لِيَخْتَبِرَهُ بِهِ، فَرَهِقَهُ دَيْنٌ، فَلَا يَكُونُ عَلَى الْيَتِيمِ مِمَّا فِي يَدَيْهِ مِمَّا دُفِعَ إلَيْهِ لَيُخْتَبَرَ بِهِ، وَلَا فِيمَا فِي يَدَيْ وَصِيِّهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: إنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيَخْتَبِرَهُ وَلِيَتَّجِرَ بِهِ.

قَالَ: لَمْ يُؤْمَنْ عَلَى مَالِهِ وَهُوَ مُوَلًّى عَلَيْهِ، فَلَا أَرَى ذَلِكَ يَلْزَمُهُ، لَا فِيمَا فِي يَدَيْهِ مِمَّا اخْتَبَرَهُ بِهِ، وَلَا فِي مَالِهِ الَّذِي فِي يَدَيْ وَصِيِّهِ وَلَا فِي ذِمَّتِهِ.

قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

[فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُحْجَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْرَارِ مِمَّنْ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، مَنْ هُمْ؟ صِفْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>