للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ كَانَ النِّصْفُ اُسْتُحِقَّ رُدَّ إلَيْهِ النِّصْفُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ اُسْتُحِقَّ الثُّلُثُ فَذَلِكَ لَهُ. فَأَرَى الدَّارَ، إذَا تَكَارَاهَا رَجُلٌ فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْءٌ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْبُيُوعِ.

قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يُشْبِهُ الْكِرَاءُ الْبُيُوعَ فِي مِثْلِ هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ أَوْ الْجُلُّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَكَارِي أَنْ يَتَمَاسَكَ بِمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ مَا بَقِيَ مَجْهُولٌ.

[فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الدَّارَ أَوْ يَرِثُهَا فَيَسْتَغِلُّهَا زَمَانًا ثُمَّ يَسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا أَوْ وَرِثَهَا فَاسْتَغَلَّهَا زَمَانًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ؟

قَالَ: الْغَلَّةُ لِلَّذِي كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ.

قُلْتُ: لِمَ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْكِرَاءَ بِالضَّمَانِ وَإِنَّمَا هَذَا وَرِثَ دَارًا أَوْ غِلْمَانًا، لَا يَدْرِي بِمَا كَانُوا لِأَبِيهِ، وَلَعَلَّهُ ابْتَاعَهُمْ فَكَانَ كِرَاؤُهُمْ لَهُ بِالضَّمَانِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ وَالْغِلْمَانُ، إنَّمَا وُهِبُوا لِأَبِيهِ لَمْ يَتْبَعْهُمْ أَبُوهُ، فَوَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ ذَلِكَ رَجُلٌ، أَيَكُونُ عَلَيْهِ غَلَّةُ الْغِلْمَانِ وَالْكِرَاءُ فِيمَا مَضَى مِنْ يَوْمِ وُهِبُوا لِأَبِيهِ إلَى يَوْمِ اسْتَحَقَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ؟

قَالَ: إنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِأَبِيهِ هُوَ الَّذِي غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الْغَلَّةَ وَهَؤُلَاءِ الْغِلْمَانَ، أَوْ غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ رَجُلٍ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ وَارِثُهُ، فَجَمِيعُ هَذِهِ الْغَلَّةِ وَالْكِرَاءِ لِلْمُسْتَحِقِّ.

قُلْتُ: وَلِمَ قُلْتَ فِي الْوَاهِبِ: إذَا كَانَ لَا يَدْرِي أَغَاصِبًا أَمْ لَا؟

قَالَ: لِأَنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذَا الْوَاهِبَ اشْتَرَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ دَارًا أَوْ عَبْدًا، فَاسْتَعْمَلَهُمْ ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ؟

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَهَا فِي السُّوقِ هُوَ الَّذِي غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، أَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟

قَالَ: نَعَمْ، إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِالْغَصْبِ.

قُلْتُ: فَإِنْ وَهَبَهَا هَذَا الْغَاصِبُ لِرَجُلٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ، أَوْ عَلِمَ بِهِ فَاغْتَلَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ لَهُ، أَوْ أَخَذَ كِرَاءَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ؟ فَقَالَ: الْكِرَاءُ لِلَّذِي اسْتَحَقَّهَا إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلِمَ بِالْغَصْبِ، كَانَتْ الْغَلَّةُ الَّتِي اغْتَلَّ مَرْدُودَةً إلَى الَّذِي اسْتَحَقَّهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْوَاهِبِ لَهُ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ الَّذِي غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَلِيًّا، كَانَ غُرْمُ مَا اغْتَلَّ هَذَا الْمَوْهُوبَةُ لَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ مَلِيًّا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ مَالٌ، كَانَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْغَلَّةِ. بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا اغْتَصَبَ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ، فَأَكَلَهُ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ فَأَبْلَاهُ، أَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَبَاعَهَا وَأَكَلَ ثَمَنَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ. فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْوَاهِبِ مَالٌ أُغْرِمَ وَأَسْلَمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ هِبَتَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْوَاهِبَ كَانَ غَاصِبًا، وَهَذَا إذَا فَاتَتْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ مَالٌ أُغْرِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَهَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَلَا تَرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>