للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فِيمَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَبْدٍ فَأَخَذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ أَصَابَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا]

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَبْدٍ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ أَصَابَ بَائِعُ الدَّارِ بِالْعَبْدِ عَيْبًا؟

قَالَ: يَرُدُّهُ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الدَّارِ مِنْ مُشْتَرِي الدَّارِ وَقَدْ مَضَتْ الدَّارُ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ. قُلْت: وَلِمَ أَمْضَيْتَ الدَّارَ هَهُنَا لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ؟

قَالَ هَذَا الْمُشْتَرِي إذَا دَفَعَهَا إلَى الشَّفِيعِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ. قُلْت: فَلِمَ لَا تَجْعَلُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ كَانَ مَرْدُودًا مِنْ الْآخِرِ وَالْأَوَّلِ. أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا فَاسِدًا، رُدَّا جَمِيعًا إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ أَوْ يَتَغَيَّرَ بِالْأَبْدَانِ أَوْ بِالْأَسْوَاقِ، فَتَكُونُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْقِيمَةُ وَلَا يَرُدُّهُ، فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا. قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: مِنْهُ قَوْلُهُ وَمِنْهُ رَأْيِي.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَبْدٍ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ ذَلِكَ الشِّقْصَ بِشُفْعَتِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدَيْ بَائِعِ الدَّارِ؟

قَالَ: قَدْ مَضَتْ الدَّارُ لِلشَّفِيعِ، وَيَرْجِعُ بَائِعُ الدَّارِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الشِّقْصِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الشِّقْصِ أَلْفَيْنِ، فَرَجَعَ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفَيْنِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّفِيعِ بِأَلْفٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَتْ الدَّارُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفَيْنِ وَهُوَ قِيمَتُهَا وَإِنَّمَا أَخَذَهَا الشَّفِيعُ مِنْهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؟

قَالَ: لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ. وَكَذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَهِيَ أَلْفَا دِرْهَمٍ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ، فَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْأَلْفِ الَّتِي فَضَلَتْ عِنْدَهُ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي.

[اخْتِلَافُ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي صِفَةِ عَرَضِ ثَمَنِ شِقْصٍ]

ٍ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْتُ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ، فَمَضَى لِذَلِكَ زَمَانٌ وَالْعَرَضُ قَائِمٌ بِعَيْنِهِ عِنْدَ بَائِعِ الدَّارِ أَوْ مُسْتَهْلِكٍ، فَاخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قِيمَةِ الْعَرَضِ، أَيُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْعَرَضِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ الْيَوْمَ أَمْ لَا؟

قَالَ: إنَّمَا يُنْظَرُ عِنْدَ مَالِكٍ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ وَقَعَ الشِّرَاءُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ الْيَوْمَ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلِكًا؟

قَالَ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ. قُلْت: فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ رَأْيِي أَنَّهُ مِثْلُ الْبُيُوعِ، أَنَّهُ إنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الشَّفِيعِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى أَيْضًا بِمَا لَا يُشْبِهُ، قِيلَ لِلَّذِي اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>