للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْلَ كَامِلًا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي السِّنِّ إذَا اسْوَدَّتْ فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا، وَإِنْ أُصِيبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهَا أَيْضًا عَقْلُهَا كَامِلًا. قَالَ مَالِكٌ: فَالسِّنُّ قَدْ أَخَذَ لَهَا عَقْلُهَا، وَمَنْفَعَتُهَا قَائِمَةٌ. قَالَ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ أَخَذَ لِذَلِكَ شَيْئًا فِي نُقْصَانِ الْيَدِ وَالْعَيْنِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ أَشْكَلُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا بَقِيَ وَيُقَاصُّ بِمَا أَخَذَ. وَقَدْ قَالَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا عَلَى حِسَابِ مَا بَقِيَ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ يَدَ رَجُلٍ خَطَأً فَضَعُفَتْ وَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا، وَكَانَ يَبْطِشُ بِهَا وَيَعْمَلُ بِهَا ثُمَّ أَصَابَهَا بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ لَوْ أَصَابَهَا رَجُلٌ خَطَأً بِشَيْءٍ فَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا، وَقَدْ كَانَ يُبْصِرُ بِهَا ثُمَّ أَصَابَهَا بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلٌ عَمْدًا اُقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ. فَالْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ فِي هَذَا مُخْتَلِفَانِ، وَأَمَّا الْكَفُّ الَّتِي يُقْطَعُ بَعْضُهَا - عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً - ثُمَّ تُصَابُ خَطَأً بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا عَلَى قَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْهَا، قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ.

[سِنِّ الصَّبِيِّ إذَا لَمْ يُثْغِرْ]

فِي سِنِّ الصَّبِيِّ إذَا لَمْ يُثْغِرْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الصَّبِيِّ إذَا لَمْ يُثْغِرْ يُنْزَعُ سِنُّهُ خَطَأً. قَالَ: يُؤْخَذُ الْعَقْلُ كَامِلًا فَيُوضَعُ عَلَى يَدَيْ ثِقَةٍ، فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا رَدَّ الْعَقْلَ إلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَعُدْ أَعْطَى الْعَقْلَ كَامِلًا. فَإِنْ هَلَكَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ السِّنُّ فَالْعَقْلُ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ نَبَتَتْ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِهَا الَّذِي قُلِعَتْ مِنْهُ كَانَ لَهُ مِنْ الْعَقْلِ قَدْرُ مَا نَقَصَتْ. قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا نُزِعَتْ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُوضَعُ لَهُ الْعَقْلُ أَيْضًا وَلَا يُعَجَّلُ بِالْقَوَدِ حَتَّى يُسْتَبْرَأَ أَمْرُهَا، فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا فَلَا عَقْلَ فِيهَا وَلَا قَوَدَ، وَإِنْ لَمْ تَعُدْ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ عَادَتْ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِهَا أُعْطِيَ مَا نَقَصَتْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَنَا أَرَى فِيهَا إنْ لَمْ تَعُدْ لِهَيْئَتِهَا حَتَّى مَاتَ الصَّبِيُّ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَيْسَ فِيهَا عَقْلٌ، لِأَنَّهُ إنَّمَا اُسْتُؤْنِيَ بِهِ النَّبَاتُ فَدَفَعَ الْقَوَدَ. فَإِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ تَنْبُتْ فَفِيهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ لَوْ قُطِعَتْ لَهَا أُصْبُعَانِ عَمْدًا فَاقْتَصَّتْ أَوْ عَفَتْ، ثُمَّ قُطِعَ مِنْ ذَلِكَ الْكَفِّ أَيْضًا أُصْبُعَانِ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ لَهَا عِشْرُونَ بَعِيرًا، وَلَا يُضَافُ هَذَا إلَى مَا قُطِعَ قَبْلَهُ، لِأَنَّ الَّذِي قُطِعَ أَوَّلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ دِيَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَ عَمْدًا، وَإِنَّمَا يُضَافُ بَعْضُ الْأَصَابِعِ إلَى بَعْضٍ فِي الْخَطَأِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>