اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: نَعَمْ إذَا أَدَّيْتَهَا إلَى رَسُولِي فَقَدْ بَرِئْتَ مِنْهَا وَلَكَ أَجْرُهَا وَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ بَدَّلَهَا» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَمَا وَاَللَّهِ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣] مَا تَرَكْتُهَا عَلَيْكُمْ جِزْيَةً تُؤْخَذُونَ بِهَا مِنْ بَعْدِي وَلَكِنْ أَدُّوهَا إلَيْهِمْ فَلَكُمْ بِرُّهَا وَعَلَيْهِمْ إثْمُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنَا رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَحُذَيْفَةَ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا قَتَادَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ وَمُجَاهِدًا وَعَطَاءً وَالْقَاسِمَ وَسَالِمًا وَابْنَ الْمُنْكَدِرِ وَرَبِيعَةَ وَعُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَمَكْحُولًا وَالْقَعْقَاعَ بْنَ حَكِيمٍ، كُلُّهُمْ يَأْمُرُ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ إلَى السُّلْطَانِ وَيَدْفَعُونَهَا إلَيْهِمْ.
[فِي زَكَاةِ مَاشِيَةِ الْخُلَطَاءِ]
ِ قُلْتُ: مَا الَّذِي يَكُونُ النَّاسُ بِهِ فِي الْمَاشِيَةِ خُلَطَاءَ؟ فَقَالَ: سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ تَكُونُ لَهُمْ أَغْنَامٌ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ انْقَلَبَتْ إلَى دُورِ أَصْحَابِهَا وَالدُّورُ مُفْتَرِقَةٌ تَبِيتُ عِنْدَهُمْ يَحْتَلِبُونَهَا وَيَحْفَظُونَهَا، فَإِذَا كَانَ النَّهَارُ غَدَا بِهَا رِعَاؤُهَا أَوْ رَاعٍ وَاحِدٌ يَجْمَعُونَهَا مِنْ بُيُوتِ أَهْلِهَا. فَانْطَلَقُوا بِهَا إلَى مَرَاعِيهَا فَرَعَوْهَا بِالنَّهَارِ وَسَقَوْهَا، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ رَاحَتْ إلَى أَرْبَابِهَا عَلَى حَالٍ مِمَّا وَصَفْتُ لَكَ أَفَتَرَى هَؤُلَاءِ خُلَطَاءَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَإِنْ افْتَرَقُوا فِي الْمَبِيتِ وَالْحِلَابِ إذَا كَانَ الدَّلْوُ وَالْمُرَاحُ وَالرَّاعِي وَاحِدًا، وَإِنْ افْتَرَقُوا فِي الدُّورِ فَأَرَاهُمْ خُلَطَاءَ.
قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ إنْ فَرَّقَهَا الدَّلْوُ فَكَانَ هَؤُلَاءِ يَسْقُونَ عَلَى مَاءٍ يَمْنَعُونَ مِنْهُ أَصْحَابَهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ عَلَى مَاءٍ يَمْنَعُونَهُمْ مِنْهُ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: إذَا كَانَ الدَّلْوُ وَالْمُرَاحُ وَالرَّاعِي وَاحِدًا، وَإِنْ تَفَرَّقُوا فِي الْمَبِيتِ وَالْحَلَّابِ فَهُمْ خُلَطَاءُ، قَالَ: وَالرَّاعِي عِنْدِي وَإِنْ كَانُوا رُعَاةً كَثِيرِينَ يَتَعَاوَنُونَ فِيهَا فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الرَّاعِي الْوَاحِدِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ افْتِرَاقِ الدَّلْوِ إذَا كَانَتْ مُجْتَمِعَةً فَذَلِكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْمُرَاحِ، مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ لِي: هِيَ مُجْتَمِعَةٌ وَإِنْ فَرَّقَهَا الدَّلْوُ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ.
قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ رَاعِي هَؤُلَاءِ أُجْرَةً عَلَيْهِمْ خَاصَّةً، وَرَاعِي هَؤُلَاءِ الْآخَرِينَ أُجْرَةً عَلَيْهِمْ خَاصَّةً إلَّا أَنَّ الْمَسْرَحَ يَجْمَعُهُمْ فَيَخْلِطُونَ الْغَنَمَ وَيَجْتَمِعُونَ فِي حِفْظِهَا؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الرَّاعِي الْوَاحِدِ إنْ كَانَ أَرْبَابُهَا جَمَعُوهَا أَوْ أَمَرُوهُمْ بِجَمْعِهَا فَجَمَعُوهَا حَتَّى كَانَ الْمُرَاحُ وَالدَّلْوُ وَالْمَسْرَحُ وَاحِدًا فَهُمْ خُلَطَاءُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَطُوا فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَافْتَرَقُوا فِي وَسَطِهَا وَاخْتَلَطُوا فِي آخِرِ السَّنَةِ؟ فَقَالَ: إذَا اجْتَمَعُوا قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ بِشَهْرَيْنِ فَهُمْ خُلَطَاءُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَقَدْ وَصَفْتُ لَكَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ. وَإِنَّمَا يَنْظُرُ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ وَلَا يَنْظُرُ إلَى أَوَّلِهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ جَمَعَهَا الدَّلْوُ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ وَفَرَّقَهَا فِي وَسَطِ السَّنَةِ وَجَمَعَهَا فِي آخِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute