الْبَلَدِ الَّذِي تَبَايَعَا فِيهِ فَيُنْظَرُ إلَى عِظَمِ ذَلِكَ وَكَثْرَتِهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى أَوَّلِهِ وَلَا إلَى آخِرِهِ فَيَكُونُ حُلُولُهُ عِنْدَ ذَلِكَ.
قُلْتُ: الْحَصَادُ فِي الْبُلْدَانِ مُخْتَلِفٌ بَعْضُهُ قَبْلَ بَعْضٍ؟
قَالَ: فَلَمْ يُرِدْ مَالِكٌ اخْتِلَافَ الْبُلْدَانِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حَصَادَ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ تَبَايَعَا.
قُلْتُ: فَخُرُوجُ الْحَاجِّ عِنْدَ مَالِكٍ أَجَلٌ مِنْ الْآجَالِ إذَا تَبَايَعَا إلَيْهِ مَعْرُوفٌ؟
قَالَ: أَرَى أَنَّهُ أَجَلٌ مَعْرُوفٌ، وَخُرُوجُ الْحَاجِّ عِنْدِي أَبْيَنُ مِنْ الْحَصَادِ وَلَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ رَأَيَا عِنْدَهُ قَاعِدٌ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً إلَى رَفْعِ جُرُونِ بِئْرِ زَرْنُوقٍ فَقَالَ: وَمَا بِئْرُ زَرْنُوقٍ؟
قَالَ: بِئْرٌ يُسَمَّى بِئْرُ زَرْنُوقٍ وَعَلَيْهَا زَرْعٌ وَحَصَادٌ لِقَوْمٍ، قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَهُوَ أَجَلٌ مَعْرُوفٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ إلَى الْحَصَادِ فَأَخْلَفَ الْحَصَادُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ عَامَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَى إنَّمَا أَرَادَ مَالِكٌ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا جَاءَ أَجَلُ الْحَصَادِ وَعِظَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَصَادُ سَنَتِهِمْ تِلْكَ فَقَدْ بَلَغَ الْأَجَلُ مَحِلَّهُ.
قَالَ سَحْنُونٌ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ عِنْدَنَا ظَهْرٌ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ أَنْ يَبْتَاعَ ظَهْرًا إلَى خُرُوجِ الْمُصَدِّقِ فَابْتَاعَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ وَبِالْأَبْعِرَةِ إلَى خُرُوجِ الْمُصَدِّقِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -» ، وَقَالَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَابْنَ قُسَيْطٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنَ شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ قَالُوا: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَأَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْتَاعُ الْبَيْعَ وَيَشْتَرِطُ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَقْضِيَهُ إذَا خَرَجَتْ غَلَّتُهُ أَوْ إلَى عَطَائِهِ. وَأَخْبَرَنِي عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ يَشْتَرِينَ إلَى أَعْطِيَاتِهِنَّ، وَأَخْبَرَنِي عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلُّ شَيْءٍ مَأْمُونٌ لَا يَكَادُ أَنْ يُخْلِفَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ وَيُشْتَرَى إلَيْهِ مِثْلُ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ إلَى الْعَطَاءِ أَوْ إلَى خُرُوجِ الرِّزْقِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِنْ الزَّمَانِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِالْبَيْعِ إلَى الْعَطَاءِ بَأْسًا.
[بَيْع الْحِيتَانِ فِي الْآجَامِ وَالزَّيْتِ قَبْلَ أَنْ يُعْصَرَ]
فِي بَيْعِ الْحِيتَانِ فِي الْآجَامِ وَالزَّيْتِ قَبْلَ أَنْ يُعْصَرَ قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ بَاعَ حِيتَانًا مُحْظَرًا عَلَيْهَا فِي الْآجَامِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟