قَالَ: فَهَؤُلَاءِ عَلَى قِرَاضِهِمْ، بِحَالِ مَا كَانُوا إنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ أَخْذَ مَالِهِمْ كَانُوا بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الرَّجُلِ إذَا قَارَضَ رَجُلًا فَاشْتَرَى سِلْعَةً، ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَ مَالِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ مَاتَ رَبُّ الْمَالِ، وَالْمَالُ فِي يَدِ الْمُقَارَضِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ بَعْدُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ، حَتَّى اشْتَرَى بِالْمَالِ سِلْعَةً بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ؟ قَالَ: هُوَ عَلَى الْقِرَاضِ حَتَّى يَعْلَمَ بِمَوْتِهِ.
[فِي الْمُقَارَضِ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ وَدَائِعُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ]
ٌ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ هَلَكَ، وَقَدْ كَانَ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا، وَعِنْدَهُ وَدَائِعُ لِلنَّاسِ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ يُوجَدْ الْقِرَاضُ وَلَا الْوَدَائِعُ عِنْدَهُ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ، قَالَ مَالِكٌ: يَتَحَاصُّ أَهْلُ الْوَدَائِعِ وَأَهْلُ الْقِرَاضِ وَأَهْلُ الدَّيْنِ فِيمَا تَرَكَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ قِيلَ لَهُ: رَجُلٌ كَانَ عِنْدَهُ قِرَاضٌ لِرَجُلٍ فَأَفْلَسَ. قَالَ: لِلْقِرَاضِ هَيْئَةٌ لَيْسَتْ لِمَا سِوَاهُ، لَا يُحَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِقِرَاضِهِ وَلَكِنْ يَسْتَوْفِيهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ لِلنَّاسِ قَبْلَ الْقِرَاضِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ فِي الْقِرَاضِ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَهُ اللَّيْثُ.
[فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِهِ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ بِعَيْنِهِ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ؟ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا أَقَرَّ بِهِ بِعَيْنِهِ، فَلَا أُبَالِي كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَ الدَّيْنِ، أَصْحَابُهُ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ فِي هَذَا.
وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا أَقَرَّ بِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ، فَهُوَ وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ، وَهَذَا رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا، أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دِينٌ فِي صِحَّتِهِ بِبَيِّنَةٍ، إنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ بِمَا أَقَرَّ بِهِ، وَيَأْخُذُ أَهْلُ الْوَدِيعَةِ وَدِيعَتَهُمْ وَأَهْلُ الْقِرَاضِ قِرَاضَهُمْ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ كَانَ قِبَلَهُ مَالُ قِرَاضٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَخَذَهُ غُرَمَاؤُهُ، فَقَالَ يَحْيَى: صَاحِبُ الْقِرَاضِ إنْ عَرَفَ مَالَهُ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَتَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute