يَكُونُ فِي الْمَالُ رِبْحٌ حَتَّى يُتِمَّ رَأْسَ الْمَالِ. قُلْتُ: مَا فَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الَّذِي أَكَلَهُ الْعَامِلُ فِي الْمَالِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا أَكَلَهُ فَقَدْ ضَمِنَهُ، وَإِذَا سَقَطَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَتْهُ اللُّصُوصُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنْ رَبِحَ فِي بَقِيَّةِ الْمَالِ، كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْبُرَ رَأْسَ الْمَالِ فَإِذَا أَكَلَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَكَلَ فَاَلَّذِي ضَمِنَ هُوَ تَمَامُ رَأْسِ الْمَالِ، إلَّا أَنَّهُ لَا رِبْحَ لِلَّذِي ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ. قَالَ: وَمَا أَخَذَ الْعَاشِرُ مِنْهُ ظُلْمًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا أَخَذَتْ اللُّصُوصُ؟ قَالَ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: مَا أَخَذَتْ اللُّصُوصُ مِنْ الْقِرَاضِ فَهُوَ مِنْ الْقِرَاضِ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ قِرَاضًا، فَأَكَلَ خَمْسَمِائَةٍ مِنْهَا، ثُمَّ تَجَرَ فِي الْمَالِ فَرَبِحَ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ، فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ مَالًا قِرَاضًا، فَتَسَلَّفَ مِنْهُ مَالًا ثُمَّ عَمِلَ بِمَا بَقِيَ. قَالَ مَالِكٌ: هُوَ ضَامِنٌ لِمَا تَسَلَّفَ، وَمَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ يَعْمَلُ بِهِ، وَاَلَّذِي فِيهِ الْقِرَاضُ وَلَيْسَ الَّذِي تَسَلَّفَ مِنْهُ عَلَى الْقِرَاضِ فَمَسْأَلَتُكَ أَرَى: الْخَمْسَمِائَةِ الَّذِي عَمِلَ بِهَا، هِيَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ، فَرِبْحُهَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا.
وَالْعَامِلُ ضَامِنٌ لِلْخَمْسِمِائَةِ الَّتِي أَكَلَهَا، وَلَا يُحْسَبُ لَهَا رِبْحٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَامِلِ فِيهَا، إلَّا أَنْ يُخْرِجُهَا قَطُّ.
قُلْتُ: فَإِنْ أَخَذَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَالًا قِرَاضًا، فَتَجَرَ فِي الْمَالِ فَرَبِحَ أَلْفًا أُخْرَى، فَأَكَلَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْهَا، ثُمَّ تَجَرَ فِي الْأَلْفِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي فِي يَدَيْهِ فَأَصَابَ مَالًا. قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ لِلْأَلْفِ الَّتِي أَكَلَ، وَمَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ وَمَا رَبِحَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا. قُلْتُ: فَإِنْ ضَاعَ مَا فِي يَدَيْهِ فَلَمْ يَبْقَ فِي يَدَيْهِ إلَّا الْأَلْفُ الَّتِي أَكَلَهَا؟ قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ لِتِلْكَ الْأَلْفِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَيَجْعَلُ تِلْكَ الْأَلْفَ رَأْسَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا رِبْحَ فِي الْمَالِ، إلَّا بَعْدَ مَا يَسْتَوْفِي رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت عَبْدًا مَنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ جَمِيعُ الْمَالِ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَجَنَى رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً، بِنَقْصِ الْعَبْدِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ، فَبَاعَ الْعَامِلُ الْعَبْدَ بَعْدَ مَا جَنَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَعَمِلَ بِالْخَمْسِمِائَةِ فَرَبِحَ فِيهَا رِبْحًا كَثِيرًا أَوْ وَضَعَ، أَيَكُونُ مَا صَنَعَ السَّيِّدُ بِالْعَبْدِ اقْتِضَاءً لِرَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ اقْتِضَاءً إلَّا أَنْ يُفَاصِلَهُ وَيُحَاسِبَهُ فَيَحْسُبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَعَمِلَ بِمَا بَقِيَ عِنْدَهُ، فَهَذَا الَّذِي بَقِيَ عِنْدَهُ وَعَمِلَ فِيهِ فَهُوَ عَلَى الْقِرَاضِ كَمَا كَانَ، وَمَا صَنَعَ السَّيِّدُ، فَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ. وَلَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ عَنْ مَالِكٍ.
[الْمُقَارَضِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ بِمَالِ الْقِرَاضِ فَإِذَا ذَهَبَ يَنْقُدُ وَجَدَ الْقِرَاضَ قَدْ تَلِفَ]
فِي الْمُقَارَضِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ بِمَالِ الْقِرَاضِ فَإِذَا ذَهَبَ يَنْقُدُ وَجَدَ الْقِرَاضَ قَدْ تَلِفَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت مَالًا قِرَاضًا، عَلَى أَنْ أَعْمَلَ فِيهِ عَلَى النِّصْفِ، فَاشْتَرَيْتُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute