يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ أَجَازَتْهُ، قَالَ: سَحْنُونٌ فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» .
قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ، وَقَالُوا عَنْ مَالِكٍ إنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْبِكْرِ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا: إنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا، وَقَالُوا عَنْ مَالِكٍ إنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ وَسَالِمًا كَانَا يُنْكِحَانِ بَنَاتَهمَا الْأَبْكَارَ وَلَا يَسْتَأْمِرَانِهِنَّ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْأَبْكَارِ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ السَّبْعَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الرَّجُلُ أَحَقُّ بِإِنْكَاحِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ بِغَيْرِ أَمْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا جَوَازَ لِأَبِيهَا فِي إنْكَاحِهَا إلَّا بِإِذْنِهَا وَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَام وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلِ فِقْهٍ وَفَضْلٍ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ التَّمِيمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا وَإِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا» .
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِ شِهَابٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «كُلُّ يَتِيمَةٍ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا فَمَا أَنْكَرَتْ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا وَمَا صَمَتَتْ عَلَيْهِ وَأَقَرَّتْ جَازَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ إذْنُهَا» ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُزَوَّجُ الْيَتِيمَةُ الَّتِي يُوَلَّى عَلَيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ وَلَا يُقْطَعُ عَنْهَا مَا جُعِلَ لَهَا مِنْ الْخِيَارِ وَأَمْرِ نَفْسِهَا أَنَّهُ لَا جَوَازَ عَلَيْهَا حَتَّى تَأْذَنَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَكِيعٌ عَنْ الْفَزَارِيِّ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: " تُسْتَأْمَرُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ مَعِصَتْ لَمْ تُنْكَحْ وَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا ".
قَالَ سَحْنُونٌ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْيَتِيمَةَ إذَا شُوِّرَتْ فِي نَفْسِهَا أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بَالِغًا؛ لِأَنَّ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ لَا إذْنَ لَهَا فَكَيْفَ يُشَاوَرُ مَنْ لَيْسَ لَهُ إذْنٌ.
[وَضْعِ الْأَبِ بَعْضَ الصَّدَاقِ وَدَفْعِ الصَّدَاقِ إلَى الْأَبِ]
فِي وَضْعِ الْأَبِ بَعْضَ الصَّدَاقِ وَدَفْعِ الصَّدَاقِ إلَى الْأَبِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ، ثُمَّ حَطَّ مِنْ الصَّدَاقِ، أَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى ابْنَتِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ شَيْئًا إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute